من العجائب والبدائع إلاّ ليحقّ الحقّ ويبطل الباطل، ويجزي كلّ عامل بما عمل عند انقضاء الأجل المسمّى الذي جعله الله لانقضاء أمر السّماوات والأرض وهو يوم القيامة. وقوله تعالى:{وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ؛} يعني كفّار مكّة، {بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ}(٨).
وقوله تعالى:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ؛} أي أولم يسافروا في الأرض، {فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ؛} صار أمر، {الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ؛} من الأمم السالفة حين كذبوا الرّسل إلى الهلاك بتكذيبهم فيعتبروا. ثم وصف تلك الأمم فقال:
{كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ؛} أي حرثوها وقلبوها للزراعة والغرس، {وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها؛} كفّار مكّة لأنّهم كانوا أطول عمرا وأكثر عددا، {وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ،} فلم يبق منهم ولا من عمارتهم أثر، فكذلك يكون حال هؤلاء.
قوله تعالى:{ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ}(١٠)؛أي ثم صار آخر أمر الذين أساءوا بالكفر والمعاصي السّوء، يعني العذاب والنار بسبب تكذيبهم واستهزائهم بآيات الله. قال الفرّاء والزجّاج:(السّوأى ضدّ الحسنى وهي الجنّة، وضدّها النّار)،وقال ابن قتيبة:
قوله تعالى:{اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ؛} أي يخلقه من النطفة ثم يحييه بعد ما أماته {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(١١)؛ثم إلى موضع حسابه وجزائه يرجعون فيجزيهم بأعمالهم.
قوله تعالى:{وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ}(١٢)؛أي ييأس المجرمون من رحمة الله، ومن كلّ خير حين عاينوا العذاب.