للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ؛} أي من دلائل قدرته وعلامات توحيده أن خلق أصلكم من تراب، يعني آدم، {ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} (٢٠)؛أي ثمّ إذا أنتم من لحم ودم تنتشرون؛ أي تتفرّقون في حوائجكم، وتنبسطون في الأرض،

{وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها؛} أي من علامات توحيده وقدرته أن خلق لكم من جنسكم نساء لتطمئنّوا إليها، ولم يجعلهنّ من الجنّ، {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً؛} أي جعل بين الزّوجين مودّة ورحمة، فيما يتراحمان ويتوادّان، وما من شيء (١) أحبّ إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما، حتى أنّ كثيرا من الناس يهجر عشيرته بسبب زوجته، وكذلك من النّساء من تهجر عشيرتها بسبب زوجها.

والمعنى: من دلالة توحيد الله وقدرته أن خلق من نطفة الرّجال ذكورا وإناثا؛ ليسكن الذكور إلى الإناث، والنّطف عن صفة واحدة، {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (٢١)؛في عظمة الله وقدرته.

قوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ،} أي ومن علامات توحيده خلق السّماوات والأرض بما فيهما من العجائب، {وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ،} أي لغاتكم وأصواتكم وصوركم وألوانكم، لأنّ الخلق بين عربيّ وعجميّ وأسود وأحمر وأبيض، وهم ولد رجل واحد وامرأة واحدة، {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ} (٢٢)؛أي للبرّ والفاجر والإنس والجنّ.

قوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ؛} أي ومن آياته كيفيّة نومكم، وكيف يغلب عليكم، وأين يأتيكم، وكيف يزول عنكم فتطلبون معيشتكم، وقوله تعالى: {وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ؛} تقدير (وابتغاؤكم من فضله بالنّهار) يعني تصرّفكم في طلب المعيشة بالنّهار، {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} (٢٣) القرآن؛ سماع الاستدلال، والاعتبار، والتدبّر.


(١) في المخطوط: (شرع) بدل (شيء) وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>