للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عكرمة: (كان لقمان من أهون مماليك سيّده، فبعث مولاه مع عبيد له إلى بستان لمولاهم يأتونه من ثمره، فجاءوا وليس معهم شيء، وقد أكلوا الثّمرة، وأحالوا على لقمان بذلك! فقال لقمان لمولاه: إنّ ذا الوجهين لا يكون عند الله أمينا، فاسقني وإيّاهم ماء حميما، فسقاهم فجعلوا يتقيّئون الفاكهة، وجعل لقمان يتقيّأ ماء بحتا، فعرف صدقه وكذبهم).

قال: (وأوّل ما روي من حكمته أنّه جاء مع مولاه فدخل المخدع، فأطال الجلوس فيه، فناداه لقمان: إنّ طول الجلوس على الحاجة يتجمّع منه الكدر، ويورث الباسور، وتصعد الحرارة إلى الرّأس، فاجلس هوينا وقم هوينا، قال: فخرج وكتب حكمته على باب الحشّ (١)).

ومعنى الآية {(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ)} علم التوحيد والمواعظ والفقه والعقل والإصابة في القول، وألهمناه أن يشكر الله على ما أعطاه من الحكمة.

ومعنى قوله: {أَنِ اشْكُرْ لِلّهِ؛} أي قلنا له: اشكر الله فيما أعطاك من الحكمة، {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ؛} أي من يشكر نعم الله فإن منفعة شكره راجعة إلى نفسه، {وَمَنْ كَفَرَ؛} فلم يوحّد، {فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ؛} عن شكره، {حَمِيدٌ} (١٢)؛يحمده الشاكر ويثبته على شكره.

قوله تعالى: {وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ؛} أي واذكر: إذ قال لقمان لابنه وهو يعظه: {يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ؛} أحدا في العبادة، {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (١٣)؛عند الله؛ أي ليس من الذّنوب شيء أعظم من الشّرك بالله؛ لأنّ الله تعالى هو الحيّ المميت الخالق الرازق، فإذا أشركت به أحدا غيره فقد جعلت النعمة لغير ربها، وذلك من أعظم الظّلم.

قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ؛} نزل في سعد بن أبي وقّاص؛ لمّا آمن بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حلفت أمّه لا تذوق طعاما ولا شرابا ولا يظلّها شيء حتّى يرجع سعد


(١) الحشّ بفتح الحاء وضمها: البستان، وهو أيضا المخرج؛ لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البستان. مختار الصحاح: ص ١٣٧ (ح ش ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>