للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما؛} أي أجهدا عليك لتشرك بي جهلا بغير علم فلا تطعهما، فإنّ حقّهما وإن عظم فليس بأعظم من حقّي.

وقوله تعالى: {وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً؛} قال صلّى الله عليه وسلّم: [حسن المصاحبة أن تطعمهما إذا جاعا، وتكسوهما إذا عريا، وعاشرهما عشرة جميلة] (١).

{وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ؛} أي واتّبع طريق من رجع إليّ؛ أي من سلك طريق محمّد صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه. والمعنى: واتّبع دين من أقبل إلى طاعتي وهو النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

وقال عطاء عن ابن عبّاس رضي الله عنهم: (يعني أبا بكر الصّدّيق رضي الله عنه أنّه حين أتاه عبد الرّحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص وسعيد بن زيد وعثمان وطلحة والزّبير فقالوا: يا أبا بكر آمنت وصدّقت محمّدا؟ قال: نعم، فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فآمنوا به وصدّقوا، فأنزل الله تعالى يقول لسعد: {(وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ)} يعني أبا بكر الصّدّيق رضي الله عنه) (٢).

ويستدلّ من قوله تعالى {(وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً)} على أنّ الابن لا يستحقّ القود على أبيه، ولا يحدّ الأب بقذفة الابن، ولا يحبس الأب بدين الابن، لأن في إيجاب القود والحدّ والحبس له عليه ما ينافي مصاحبتهما.

وعن أبي يوسف: (أنّ القاضي يأمر الأب بقضاء دين الابن، فإن تمرّد حبسه لاستخفاف أمره).وقال محمّد بن الحسن: (يحبس الأب في نفقة الابن الصّغير، ولا يحبس بالدّين الّذي له عليه؛ لأنّه لو لم يحبس في نفقة الصّغير لتضرّر الولد).

قوله تعالى: {ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ؛} أي مرجعكم ومرجع آبائكم، {فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (١٥)؛من الخير والشرّ. وقد تضمّنت هذه


(١) لم أقف عليه.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٠١٣.وفي المحرر الوجيز: ص ١٤٨٦؛ قال ابن عطية: (وحكى النقاش ... ) وذكره. وينظر: أسباب النزول للواحدي: ص ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>