للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ؛} قرأ نافع وأبو عمرو (١) وحمزة والكسائي وخلف «(تصاعر)» بالألف، وقرأ الباقون {(تُصَعِّرْ)} بغير ألف. قال ابن عبّاس: (معناه: لا تتكبّر فتحقرك النّاس، ولا تعرض عنهم بوجهك إذا كلّموك)، يقال: صعّر خدّك وصاعر، إذا مال وأعرض تكبّرا. والمعنى: لا تتعظّم على خلق الله، ولا تعرض عن الناس تكبّرا عليهم، بل يكون الفقير والغنيّ عندك سواء، ولا تعبس في وجه أحد من الناس.

قوله تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً؛} أي ولا تمش في الأرض بالإعجاب والبطر وازدراء الناس، قال الحسن: (أنّى لابن آدم الكبر وقد خرج من مخرج البول مرّتين؟!).

وروي: أنّ المهلّب بن أبي صفرة مرّ على مطرف بن عبد الله (٢) وهو يتبختر في جبّة خزّ، فقال: (هذه مشية يبغضها الله ورسوله) فقال له المهلّب: ما تعرفني؟! قال: (بلى؛ أعرفك، أوّلك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وتحمل بين العذرة) فمضى المهلّب وترك مشيته تلك.

وروي: أنّ عبد الله بن محمّد (٣) بن واسع خرج يوما يتمشّى، فقال محمّد بن واسع: (من هذا؟!) قالوا: هذا ولدك عبد الله، قال: ادعوه، فجاءوا به إليه، فقال له: (يا


(١) في المخطوط: (أبو عمر) والصحيح ما أثبتناه.
(٢) هو مطرف بن عبد الله بن الشخير. ينظر ترجمته في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: ج ٢ ص ١٩٨.
قال أبو نعيم: (ومنهم المتعبد الشكير، مطرف بن عبد الله بن الشخير، كان لنفسه مذلا ولذكر الله مجلا).وقال في ص ٢١٠: (أسند مطرف عن غير واحد من الصحابة).
(٣) محمّد بن واسع، ينظر: حلية الأولياء: ج ٢ ص ٣٤٥؛ قال أبو نعيم: (ومنهم العامل الخاشع، والخامل الخاضع، أبو عبد الله محمّد بن واسع. كان لله عاملا، وفي نفسه خاملا) وأسند عن مالك بن دينار قال: (للأمراء قراء، وللأغنياء قراء، وإن محمّد بن واسع من قراء الرحمن).وفي ص ٣٥٤؛قال: (كان محمّد بن واسع عالما واعيا، لا ناقلا راويا، وعى فأوعى، قليل الكلام والرواية، طويل الصيام والسعاية، روى عن أنس بن مالك ومطرف والحسن وابن سيرين وسالم وعبد الله بن الصامت وأبي بردة رضي الله تعالى عنهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>