للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ} (٥)؛قال ابن عباس: معناه: يعود إليه الأمر والتّدبير حين ينقطع أمر الأمراء وأحكام الحكّام، وينفرد الله تعالى بالأمر في يوم كان مقداره ألف سنة) يعني أنّ يوما من أيّام الآخرة مثل ألف سنة ممّا تعدّون من أيّام الدّنيا، وأراد بهذا اليوم يوم القيامة.

وقيل: معناه: يقطع الملك من المسافة نازلا وصاعدا في يوم واحد وهو مسيرة ألف عام مما يعدّه أهل الدنيا بمسيرهم، وذلك أنّ بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام لبني آدم، وصعوده من الأرض إلى السماء كذلك؛ والملك يقطعه في يوم واحد.

ولو أراد الله من الملك الصعود والنّزول بدون مقداره (اليوم) لفعله الملك.

وأما قوله: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} (١) فإن كان أراد مدّة المسافة من الأرض إلى سدرة (٢) المنتهى التي فيها مقام جبريل، فالمعنى يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا، فيكون معنى قوله تعالى: {(إِلَيْهِ)} على هذا التأويل؛ أي إلى مكان الملك الذي أمره الله أن يعرج إليه، كقول إبراهيم عليه السّلام: {إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي} (٣) أي حيث أمرني ربي بالذهاب إليه، وهو الشّام. وكذلك قوله تعالى:

{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ} (٤) أي إلى المدينة. ولم يكن الله عزّ وجلّ بالمدينة ولا بالشام.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [أتاني ملك لم ينزل إلى الأرض قبلها قط برسالة من الله عزّ وجلّ، ثمّ رفع رجله فوضعها فوق السّماء والأخرى في الأرض لم يرفعها] (٥).


(١) المعارج ٤/.
(٢) في أصل المخطوط: (مدة) والصحيح: سدرة.
(٣) الصافات ٩٩/.
(٤) النساء ١٠٠/.
(٥) أخرجه الطبراني في الأوسط: ج ٧ ص ٣٥٥:الحديث (٦٦٨٥).وفي مجمع الزوائد: ج ١ ص ٨٠؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الأوسط، وفيه صدقة بن عبد الله التنيسي، والأكثر-

<<  <  ج: ص:  >  >>