للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها؛} قضاء الوطر في اللّغة: بلوغ منتهى ما في النّفس من الشّيء، يقال: قضى وطرا منها؛ إذا بلغ ما أراد من حاجته فيها، ثم صار عبارة عن الطّلاق؛ لأنّ الرجل إنّما يطلّق امرأته إذا لم يبق له فيها حاجة.

وعن أنس رضي الله عنه أنّه قال: (لمّا انقضت عدّة زينب بنت جحش خطبها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونزل قوله تعالى {(زَوَّجْناكَها)} فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى دخل عليها بغير إذن لقوله تعالى {(زَوَّجْناكَها)}.وكانت زينب تفاخر نساء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتقول: زوّجكنّ أهلوكنّ، وزوّجني الله عزّ وجلّ) (١).

ومعنى الآية: {(فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً)} وطلّقها {(زَوَّجْناكَها)}.وقوله تعالى:

{لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً؛} أي زوّجناك زينب لكيلا يظنّ أن امرأة المتبنّى لا تحلّ. والأدعياء: جمع دعيّ؛ وهو الذي يدعى ابنا من غير ولادة.

قال الحسن: (كانت العرب تظنّ أنّ حرمة المتبنّى كحرمة الابن، فبيّن الله «أنّ نساء» (٢) الأدعياء غير محرّمة على المتبنّى وإن أصابوهنّ، وهو قوله {(إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً)} بخلاف ابن الصّلب، فإنّ امرأته تحرم بنفس العقد).

وقوله تعالى: {وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً} (٣٧)؛معناه: وكان تزويج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لزينب قضاء كائنا مكتوبا في اللوح المحفوظ.

قوله تعالى: {ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ} أي ما كان عليه من ضيق وإثم فيما شرّعه الله تعالى وأحلّه له كسنّة الله، {فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ،} أي سائر الأنبياء الماضين في التّوسعة عليهم في النّكاح،


(١) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٤ ص ١٩٣؛ قال القرطبي: (وروى الإمام جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم) وذكره، ثم قال: (أخرجه النسائي عن أنس بن مالك) وذكره. وفي مجمع الزوائد: ج ٧ ص ٩١؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني من طرق، رجال بعضها رجال الصحيح). وذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٠٤٣.
(٢) ما بين «» ليس في الأصل، ويبدو أنه سقط من الأصل؛ لأنه من مقتضى إكمال المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>