للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن جريج: (قالت السّماء: يا رب خلقتني وجعلتني سقفا محفوظا، وأجريت فيّ الشّمس والقمر والنّجوم، لا أعمل فريضة ولا أبتغي ثوابا. وقالت الأرض: يا رب جعلتني بساطا ومهادا، وشققت فيّ الأنهار، وأنبتّ فيّ الأشجار، لا أتحمّل فريضة ولا أبتغي ثوابا ولا عقابا) (١).

ومعنى قوله: {(فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها)} أي مخافة وخشية لا معصية ولا مخالفة، والعرض كان تخييرا لا إلزاما، قوله: {(وَأَشْفَقْنَ مِنْها)} أي خفن من الأمانة أن لا توفّيها، فيلحقهنّ العقاب، فأبوا ذلك تعظيما لدين الله وخوفا أن لا يقوموا به، وقالوا: نحن مسخّرات لأمرك لا نريد ثوابا ولا عقابا.

قوله تعالى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً} (٧٢)،يعني:

وحملها آدم عليه السّلام قال الله له: يا آدم إني عرضت الأمانة على السّماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ولم يطقنها، فهل أنت آخذها بما فيها؟ قال: يا رب وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت. فتحمّلها آدم، وقال: حملتها بين أذنيّ وعاتقي.

قال ابن عباس: (عرض الله على آدم أداء الصّلوات الخمس في مواقيتها، وأداء الزّكاة عند محلّها، وصيام رمضان، وحجّ البيت، على أنّ له الثّواب وعليه العقاب، فقال: بين أذنيّ وعاتقي) (٢).

وقال مقاتل: (قال الله تعالى لآدم: أتحمل هذه الأمانة وترعاها حقّ رعايتها؟ فقال آدم: وما لي عندك؟ قال: إن أحسنت وأطعت ورعيت الأمانة، فلك الكرامة وحسن الثّواب في الجنّة، وإن عصيت وأسأت معذّبك ومعاقبك. قال: قد رضيت يا رب، وتحمّلها. فقال الله عزّ وجلّ: قد حمّلتكها. فذلك قوله تعالى: {(وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً)}.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: ج ١٠ ص ٣١٥٩:الرقم (١٧٨١٣).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان بأسانيد: الرقم (٢١٨٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>