للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ؛} أي يعملون لسليمان ما يشاء {(مِنْ مَحارِيبَ)} أي مساجد، كان هو والمؤمنون يصلّون فيها. ويقال:

أراد بالمحاريب الغرف والمواضع الشريفة، يقال لأشرف موضع في الدار محراب، والمحراب مقدّم كلّ مسجد ومجلس وبيت.

وقوله تعالى {(وَتَماثِيلَ)} أي تماثيل كلّ شيء، يعني صورا من نحاس وزجاج ورخام، كانت الجنّ تعملها، وكانوا يصوّرون له الأنبياء والملائكة في المسجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة، وهذا يدلّ على أن التصوير كان مباحا في ذلك الزمان، ثم صار حراما في شريعة نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم كما روي في الحديث: [إنّ الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة] (١).وروي: [لعن الله المصوّرين بما صوّروا] (٢).

قوله تعالى: {وَجِفانٍ كَالْجَوابِ؛} الجفان جمع جفنة وهي القصعة الكبيرة من الصّفر. وقوله {(كَالْجَوابِ)} أي كالحياض العظام، فهي كحياض الإبل، والجواب جمع الجابية، وسمّي الحوض جابية؛ لأنّه يجبي الماء؛ أي يجمعه، والجباية جمع الماء. يقال: إنه كان يجتمع على جفنة واحدة ألف رجل يأكلون بين يديه.

قوله تعالى: {وَقُدُورٍ راسِياتٍ؛} أي ثابتات عظام من الحجر كالجبال لا ترفع من أماكنها، ولكن يوقد تحتها حتى ينطبخ ما فيها من الأطعمة فيأكل منها الألوف، وكانت هذه الأعمال التي يعملونها معجزة لسليمان عليه السّلام.

وقوله تعالى: {(اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً؛} أي قلنا لهم: اعملوا بطاعة الله شكرا له على هذه النّعم التي منّ بها عليكم. وقيل: انتصب قوله {(شُكْراً)} على المصدريّة. وقوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} (١٣)؛أي قليل من عبادي من يشكر لي؛ لأن الشّاكرين وإن كثروا فقليل في جنب من لم يشكر.


(١) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب اللباس: باب من كره القعود عند الصور: الحديث (٥٩٥٨).ومسلم في الصحيح: كتاب اللباس: باب تحريم تصوير صورة الحيوان: الحديث (٢١٠٦/ ٨٥).وأبو داود في السنن: كتاب اللباس: باب في الصور: الحديث (٤١٥٥).
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ٢٢ ص ٩٥:الحديث (٢٩٦،وص ٩٦:الحديث (٢٩٨) مختصرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>