للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً؛} فكما فضّلنا عليكم في الدّنيا لن نعذب بذنوبنا في الآخرة! افتخر مشركوا مكّة على رسول الله والمؤمنين بأموالهم وأولادهم، وظنّوا أنّ الله إنّما خوّلهم المال والولد كرامة لهم عنده، فقالوا {وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} (٣٥)؛أي إنّ الله أحسن إلينا بالمال والولد فلا يعذّبنا!

فقال الله تعالى لنبيّه عليه السّلام: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ؛} يعني أنّ بسط الرزق وتضييقه من الله تعالى بفعله ابتلاء وامتحانا، ولا يدلّ البسط على رضا الله تعالى، ولا التضييق على سخطه، {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (٣٦)؛يعني أهل مكّة لا يعلمون حين ظنّوا أنّ أموالهم وأولادهم دليل على كرامة الله لهم.

قوله تعالى: {وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ؛} أي ليست كثرة أموالكم ولا أولادكم ب‍ الخصلة {بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى؛} أي بالتي تقرّبكم إلى الثواب والكرامة قربة. وقيل: معناه: بالّتي تقرّبكم عندنا قربى. قال الأخفش: {(زُلْفى}:

اسم المصدر؛ كأنّه أراد: بالّتي تقرّبكم عندنا تقريبا) (١). {إِلاّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً؛} بصرف المال في وجوه الخير، وبصرف الأولاد في طاعة الله تعالى. وقيل:

معناه: إلاّ من آمن وعمل صالحا فإنّ إيمانه وعمله يقرّبه منّي.

وقوله تعالى: {فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا؛} أي لهم الجزاء المضاعف على حسناتهم بالحسنة الواحدة عشرا، {وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ؛} الجنّة، {آمِنُونَ} (٣٧)؛من كلّ آفة ومكروه. والغرفة: هي البيوت فوق الأبنية.

قرأ حمزة «(وهم في الغرفة)» على الواحدة، لقوله {أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} (٢)، وقرأ الباقون {(فِي الْغُرُفاتِ)} على الجمع، لقوله {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً} (٣)،وقرأ


(١) قاله الأخفش في معاني القرآن: ج ٢ ص ٤٩٥؛وفيه: (تقرّبكم عندنا إزلافا).وج ٢ ص ٦٦٣. تحقيق د. عبد الأمير محمد أمين الورد.
(٢) الفرقان ٧٥/.
(٣) العنكبوت ٥٨/.

<<  <  ج: ص:  >  >>