للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً؛} يعني المشركين، {ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ} (٤٠)؛هذا استفهام توبيخ للعابدين كقوله تعالى لعيسى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ} (١).فنزّهت الملائكة ربّهم عن الشّرك

و {قالُوا سُبْحانَكَ؛} تنزيها لك مما أضافوا إليك من الشّركاء، {أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ؛} أي ما اتّخذناهم عابدين، ولا تولّيناهم ولسنا نريد غيرك وليّا، وأنت العالم بأمورنا وافترائهم علينا، كنّا نواليك ولا نواليهم، {بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} (٤١)،أي أطاعوا الشّياطين في عبادتهم إيّانا؛ لأن الشياطين كانت دعوتهم إلى ذلك، فكان أكثرهم بالشّياطين مؤمنين.

قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا؛} أي يقال لهم: اليوم لا يقدر بعضكم لبعض جرّ نفع ولا دفع ضرّ، {وَنَقُولُ،} خزنة النار بأمر الله، {لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ} (٤٢) في الدّنيا.

قوله تعالى: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ؛} معناه: إذا يقرأ على أهل مكّة آياتنا وهي القرآن واضحات الحجج، {قالُوا ما هذا؛} يعنون محمّدا صلّى الله عليه وسلّم {إِلاّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاّ إِفْكٌ مُفْتَرىً،} وقالوا: ما هذا الذي أتانا به إلاّ كذب مفترى؟ يعنون القرآن، {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ؛} وهو القرآن: ما هذا القرآن؟ {إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ} (٤٣).

قوله تعالى: {وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ} (٤٤)؛أي ما آتينا أهل مكّة من كتب يقرءونها. والمعنى: من أين كذبوك، ولم يأتهم كتاب ولا نذير بهذا الذي فعلوه، وما أرسلنا إليهم قبلك يا محمّد من رسول.


(١) المائدة ١١٦/.

<<  <  ج: ص:  >  >>