للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن المقفّع: (قول بلا عمل كثريد بلا دسم، وسحاب بلا مطر، وقوس بلا وتر) (١).وقيل: معناه: والعمل الصالح يرفعه الله؛ أي يقبله.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ؛} أي يفعلونها على وجه المخادعة كما كان الكفار يمكرون بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم في دار النّدوة. وقيل: معناه:

الذين يشركون بالله وبعمل السّيّئات لهم عذاب شديد في الآخرة. وقيل: أراد بقوله {(يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ)} يعملون عملا على وجه الرّياء.

كما روي أنّ رجلا قال: يا رسول الله؛ فيم النّجاة غدا؟ فقال: [لا تخادع الله، فإنّه من يخادع الله يخدعه ويخلعه من الإيمان].فقال رجل: يا رسول الله فكيف يخادع الله؟ فقال: [أن تعمل بما أمرك الله، لا يقبل مع الرّياء عمل، فإنّ المرائي ينادى يوم القيامة على رءوس الأشهاد بأربعة أسماء: يا كافر؛ يا فاجر؛ يا غادر؛ يا خاسر؛ ضلّ عملك] (٢).قوله تعالى: {وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ} (١٠)؛ أي يفسد ويهلك ويكسر ولا يكون شيئا.

قوله تعالى: {وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ؛} أي خلق أصلكم وأباكم آدم من تراب، {ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ؛} أي ثم خلق نسل آدم من نطفة، {ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً؛} يعني ذكرانا وإناثا، {وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى؛} أو تلد لتمام وغير تمام، {وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّ فِي كِتابٍ؛} أي ما يطول عمر أحد، ولا ينقص من عمر أحد إلاّ وهو مثبت في اللوح المحفوظ، وقوله: {إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} (١١)؛أي كتابة الآجال والأعمال وحفظها من غير كتابة على الله هيّن.

قوله تعالى: {وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ؛} قيل: هذه مثل ضربه الله، يقول: كما لا يستوي البحران أحدهما عذب في غاية العذوبة هنيء شرابه مريء، والآخر مرّ زعاف لا يستطاع شرابه، فكذلك لا


(١) ذكره عنه أيضا القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٤ ص ٣٢٩.
(٢) ذكره ابن حجر في المطالب العالية: ج ٣ ص ١٨٤:الحديث (٣٢٠٢) وسكت عنه البوصيري.

<<  <  ج: ص:  >  >>