للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله (وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء) قال: (يقول الأب والأمّ: يا بنيّ احمل عنّي، فيقول: حسبي ما عليّ) (١).

قوله تعالى: {إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ؛} يقول: إنما ينتفع بإنذارك ووعظك الذين يطيعون ربّهم في السرّ، {وَأَقامُوا الصَّلاةَ؛} المفروضة، ولأن من خشي الله واجتنب المعاصي في السرّ من خشية الله تعالى، اجتنبها لا محالة في العلانية.

ويقال: إنّ الخشية في السرّ، والإقدام على الطاعة في السرّ، واجتناب المعصية في السرّ، أعظم عند الله ثوابا، كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [ما تقرّب امرئ بشيء أفضل من سجود خفيّ في اللّيلة المظلمة] (٢).وأما عطف الماضي في قوله تعالى {(وَأَقامُوا الصَّلاةَ)} على المستقبل في قوله {(يَخْشَوْنَ)}،ففائدة ذلك أنّ وجوب خشية الله لا تختصّ بزمان دون زمان ولا بمكان دون مكان، ووجوب إقامة الصّلاة يختصّ ببعض الأوقات.

قوله تعالى: {وَمَنْ تَزَكّى فَإِنَّما يَتَزَكّى لِنَفْسِهِ؛} أي ومن تطهّر من دنس الذّنوب والشّرك ليكون عند ربه زكيّا، فإن منفعة تطهّره راجعة إلى نفسه، {وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ} (١٨)؛أي إليه يرجع الخلق كلّهم في الآخرة،

{وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ} (١٩)؛يعني المشرك والمؤمن،

{وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ} (٢٠)؛ أي ولا الشّرك ولا الضّلال كالنور والهدى والإيمان.

وقوله تعالى: {وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ} (٢١)؛ولا الجنّة ولا النار. وقال عطاء: (يعني ظلّ اللّيل وسموم النّهار)،

{وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ؛} يعني المؤمنين والكافرين، وهذه أمثال ضربها الله تعالى، كما لا تستوي هذه الأشياء، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.


(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٠٧٠.
(٢) في تخريج أحاديث الإحياء: ج ١ ص ٣٣٤؛ قال العراقي: (أخرجه ابن المبارك في الزهد من رواية أبي بكر بن أبي مريم عن حمزة بن حبيب مرسلا).وأخرجه ابن المبارك في الزهد: باب العمل والذكر الخفي: الحديث (١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>