للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال للمرسولين: إنّ هنا ميّتا مات منذ سبعة أيّام، فلم أدفنه وأخّرته حتى يرجع أبوه، وكان أبوه غائبا، فإن قدر إلهكما على إحيائه آمنت به. قالا: إنّ إلهنا قادر على كلّ شيء، ثم جعلا يدعوان الله علانية، وجعل شمعون يدعو ربّه سرّا، فقام الميّت حيّا بإذن الله تعالى، وقد تغيّر وانتنّ وهو يقول: أيّها الملك إنّي متّ منذ سبعة أيّام، ووجدت مشركا فأدخلت في سبعة أودية من النار، فأنا أحذّركم ما أنتم عليه، فآمنوا بالله واتّبعوا هؤلاء الثلاثة.

فقال الملك: ومن الثلاثة؟ قال: شمعون وهذان، وأشار الى الرّسولين. فتعجّب الملك من ذلك، وأجمع هو وقومه على قتل الرّسل. فبلغ ذلك حبيبا النجّار وهو على باب المدينة الأقصى (١).

وقيل: إنّ الملك قال لهم: إنّكم توافقتم على هذا الكلام، ثم أمر بهم فأخذوا ونتفت حواجبهم وشعور أعينهم، وطيف بهم، فلمّا سمع حبيب النجّار ذلك أقبل من أبعد أطراف المدينة يسعى؛ أي يعدو لينصر الرسل ويذكرهم ويدعو إلى طاعة المرسلين، وذلك:

قوله تعالى: {وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} (٢٠)؛وقال حبيب للرّسل: أتريدون أجرا على ما جئتم به؟ قالوا: لا، فقال لقومه:

{اِتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (٢١)؛ أي مصيبون في مقالتهم، فقالوا له: صبوت إليهم يا حبيب ودخلت في دينهم؟ فقال:

{وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي؛} أي أيّ شيء لي إذا لم أعبد خالقي، {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٢٢)،أي إليه ترجعون عند البعث فيجزيكم بكفركم.

ثم إنّ أهل المدينة قالوا: ليس الرّسل بأولى بالنبوّة منا فيما تقولون، قالوا: ربّنا يعلم إنّا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين، أي ليس علينا إلاّ التبليغ البيّن.


(١) القصة أخرجها البغوي أيضا كاملة في تفسيره: ص ١٠٧٦ - ١٠٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>