قوله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}(٤١)؛ معناه: وآية لهم أخرى يعني أهل مكّة تدلّهم على توحيد الله تعالى: أنّا حملنا ذرّيتهم في السّفينة المملوءة، وهي سفينة نوح عليه السّلام، وذرّيّته في كلام العرب: الآباء والأبناء والأجداد.
قوله تعالى:{وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ}(٤٢)؛أي وخلقنا لهم مثل سفينة نوح عليه السّلام ما يركبون فيه على البحر، يعني السّفن التي عملت بعد سفينة نوح عليه السّلام على هيأتها وصورتها.
قوله تعالى:{وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ؛} أي أنّ الله سبحانه وتعالى ذكر تفضّله أنّه يحفظهم، ولو شاء أغرقهم فلم يغنهم أحد ولم ينقذهم من الغرق، ومعنى قوله تعالى: {(فَلا صَرِيخَ لَهُمْ)} أي فلا مغيث لهم، {وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ}(٤٣)؛من المكروه والغرق.
والصّريخ: بمعنى الصّارخ لهم بالاستغاثة. وقيل: الصّريخ المعين على الصّراخ، كأنه قال: فلا معين لهم {(وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ)} أي ولا هم يخلّصون من الغرق،
{إِلاّ رَحْمَةً مِنّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ}(٤٤)،إلاّ أن تداركهم رحمة الله فتنقذهم إلى حين آجالهم.
قوله تعالى:{وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ؛} أي وإذا قيل لهؤلاء الكفار اتّقوا ما بين أيديكم من أمر الآخرة فاعملوا لها، وما خلفكم من أمر الدّنيا، فاحذروهم ولا تغترّوا بها، {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(٤٥)؛أي لتكونوا على رجاء الرحمة من الله تعالى، وجواب {(إِذا)} محذوف تقديره: إذا قيل لهم هذا أعرضوا.
قوله تعالى:{وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ؛} من عبرة ودلالة تدلّ على صدق النبيّ صلّى الله عليه وسلّم {إِلاّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ}(٤٦).
قوله تعالى:{وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ؛} قال مقاتل: (وذلك أنّ المؤمنين قالوا لكفّار قريش: أنفقوا على الفقراء والمساكين ما زعمتم من أموالكم أنّه لله، وهو ما