للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً؛} أي فلا يستطيع أحد أن يوصي في شيء من أمره، {وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} (٥٠)؛أي ولا يلبث أحد أن يصير إلى منزله وأهله؛ لأنّها تأخذهم بغتة فيموتون في مكانهم وفي أسواقهم.

قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [والّذي نفسي بيده لتقومنّ السّاعة وقد نشر الرّجلان ثوبا جديدا يريد أحدهما أن يدفعه إلى صاحبه فيحول قيام السّاعة بينه وبين تسليمه إلى صاحبه، والّذي نفسي بيده لتقومنّ السّاعة وقد أهوى الرّجل بلقمة ليضعها في فيه فيحول قيام السّاعة بينه وبين وصولها إلى فيه] (١).

وقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} (٥١)؛أي ونفخ في الصور نفخة البعث، فإذا هم من القبور الى عرصات القيامة يخرجون مسرعين، والنّسلان مقاربة الخطو مع الإسراع، ومنه نسلان الذّئب وهو هرولته وخببه، والأجداث هو القبور.

وقوله تعالى: {قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا؛} قال المفسّرون: إنّما يقولون هذا؛ لأنّ الله يرفع عنهم العذاب فيما بين النّفختين فيرقدون، فلما بعثوا في النفخة الآخرة وعاينوا القيامة ودعوا بالويل والثّبور، فقالوا: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا؟ فيقول الملائكة: {هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} (٥٢)؛ على ألسنة الرّسل أنه يبعثكم بعد الموت في موعد البعث.

وقال قتادة: (أوّل الآية للكافرين وآخرها للمؤمنين، فقال الكافر: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا، وقال المسلم: هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون) (٢).ويجوز أن يكون قوله هذا من نعت المرقد، كأنّهم يقولون: من بعثنا من مرقدنا هذا الذي كنّا راقدين فيه؟ فيقال لهم: ما وعد الرحمن الذي بعثكم. ويجوز أن يكون ما وعد


(١) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الرقائق: الحديث (٦٥٦٠).ومسلم في الصحيح: كتاب الفتن وأشراط الساعة: الحديث (٢٩٥٤/ ١٤٠).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٢٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>