وضعفهم، {فَمِنْها رَكُوبُهُمْ؛} أي مركوبهم، {وَمِنْها يَأْكُلُونَ}(٧٢)؛من لحومها، فقوله {(فَمِنْها رَكُوبُهُمْ)} يعني الإبل، قال عروة:(في مصحف عائشة رضي الله عنها «(ركوبتهم))» (١) والركوب والركوبة واحد، مثل الحمول والحمولة، يقال: هذه الجمال ركوبة القوم وركوبتهم، وهذه النّوق حلوبة القوم وحلوبهم.
قوله تعالى:{وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ؛} أي من أصوافها وأوبارها وأشعارها ونسلها ومشارب من ألبانها، {أَفَلا يَشْكُرُونَ}(٧٣)؛ربّ هذه النعمة فيوحّدونه جميعهم وأفرادهم.
فقال:{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ}(٧٤)؛أي عبدوا من دون الله أصناما رجاء أن ينصرونهم ويشفعوا لهم، كما قالوا: ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى الله زلفى، فنفى الله نصرهم بقوله:
{لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ؛} أي لا تقدر آلهتهم أن تمنعهم من العذاب، {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}(٧٥)؛ أي لهم الأصنام كالعبيد للأرباب قيام بين أيديهم ينتصرون بهم، والأصنام لا تقدر على نصرهم ولا نصر أنفسهم. ويجوز أن يكون معناه: والمشركون محضرون من الأصنام في النار توبيخا لهم وتعذيبا للذين كانوا يعبدونهم. وقيل: معناه: إن المشركين ينصرون الأصنام وهي لا تستطيع نصرهم.
قوله تعالى:{فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ؛} أي لا يحزنك يا محمّد قول كفّار مكّة في تكذيبهم إياك وقولهم إنك شاعر، {إِنّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ؛} في نفوسهم من تكذيبهم ومكرهم وخيانتهم، {وَما يُعْلِنُونَ}(٧٦)؛لك من العداوة بألسنتهم. والمعنى: إنا نثبتك ونجازيهم.
قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}(٧٧)؛يعني أبيّ بن خلف الجمحيّ خاصم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في إنكار البعث، وأتاه بعظم قد بلي وجعل يفتّته ويذرّيه في الرّياح، ويقول في أصحابه: أيحيي الله هذا العظم بعد ما رمّ؟! وبقولهم: إنّ محمّدا يقول إذا متنا وصرنا ترابا نعاد، وتنفخ فينا
(١) في الدر المنثور: ج ٧ ص ٧٢؛ قال السيوطي: (أخرجه أبو عبيد وابن المنذر) وذكره.