للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ عيسى بن عمر: «(صاد)» بفتح الدّال، ومثل قاف ونون، لاجتماع السّاكنين وحرّكها بأخفّ الحركات. ومعناه: صاد محمّد قلوب الرّجال واستمالها حتى آمنوا به. وقرأ الحسن: «(صاد)» بكسر الدّال من المضادّات التي هي من المقابلة والمعارضة؛ أي عارض عملك بالقرآن (١).

قوله تعالى: {(وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)} أي ذي البيان الهادي إلى الحقّ. وقيل: معناه:

ذي الشّرف، كما في قوله تعالى {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} (٢) والمعنى: أقسم الله تعالى بالقرآن أنّ محمّدا صادق، وجواب قسم محذوف تقديره: والقرآن ذي الذّكر ما الأمر كما يقول الكفّار (٣).

قوله تعالى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ} (٢)؛يعني: كفّار مكّة في منعة وحميّة وتكبّر عن الحقّ، {(وَشِقاقٍ)} أي خلاف وعداوة لمحمّد صلّى الله عليه وسلّم. قوله تعالى:

{كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ؛} أي من أمم بتكذيبهم الرّسل، {فَنادَوْا؛} عند وقوع الهلاك بهم بالاستغاثة، {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} (٣)؛ أي وليس الحين حين نزو ولا قرار (٤)،قال وهب: (لات باللّغة السّريانيّة: وليس، وذلك أنّ السّريانيّ إذا أراد أن يقول وليس يقول: ولات) (٥) وقال أئمّة اللّغة: (أصلها (لا) زيدت فيها التّاء، كما زيدت في ثمّت وربّت).وقال قوم: إنّ التاء زيدت في {(حِينَ)} كما زيدت في قول الشّاعر:

العاطفون تحين ما من عاطف ... والمطعمون زمان أين المطعم؟ (٦)


(١) ذكره ابن النحاس في إعراب القرآن: ج ٣ ص ٣٠٢.
(٢) الزخرف ٤٤/.
(٣) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٥ ص ١٤٤؛ قال القرطبي: (ما الأمر كما يقولون من أنك ساحر كذاب؛ لأنهم يعرفونك بالصدق والأمانة، بل هم في تكبّر عن قبول الحق).
(٤) النّزو: من نزا، أي وثب، وبابه عدا. والمراد: ضرب العدوّ.
(٥) في الدر المنثور: ج ٧ ص ١٤٥؛ قال السيوطي: (أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه) وذكره.
(٦) البيت لأبي وجزة السعدي. قاله ابن النحاس في إعراب القرآن: ج ٣ ص ٣٠٤.وينظر: اللسان: (ليت):ج ١٢ ص ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>