للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ؛} يعني القرآن، سمي حديثا لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يحدّث به قومه. وقوله: {كِتاباً؛} منصوب على البدل من أحسن الحديث. قوله: {مُتَشابِهاً؛} أي يشبه بعضه بعضا في كونه حكمة ومصلحة، وفي أنه حقّ لا تناقض فيه.

وقوله تعالى: {مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ؛} أي مكرّر الأنباء والقصص للإبلاغ والتأكيد، وتثنى تلاوته في الصّلاة وفي غيرها فلا يمل من سماعه.

وقوله: {(تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)} خوفا مما في القرآن من الوعيد، ومعنى تقشعرّ: تأخذهم قشعريرة وهي تغيّر يحدث في جلد الإنسان عند الوجل والخوف. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [إذا اقشعرّ جلد العبد من خشية الله، تحاتّت عنه ذنوبه كما يتحاتّ عن الشّجرة ورقها] (١).وقال الزجّاج: (إذا ذكرت آيات العذاب اقشعرّت جلود الخائفين) (٢)،وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [إذا اقشعرّ جلد الإنسان من خشية الله حرّمه الله على النّار] (٣).

وعن عبد الله بن عروة قال: قلت لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه: كيف كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن؟ قالت: (كانوا كما نعتهم الله تعالى، تدمع عيونهم وتقشعرّ منه جلودهم) فقلت لها: إنّ ناسا اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خرّوا مغشيّا عليهم؟ قالت: (أعوذ بالله من الشّيطان) (٤).


(١) في الدر المنثور: ج ٧ ص ٢٢٢؛ قال السيوطي: (أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه) وذكره. وفي مجمع الزوائد: ج ١٠ ص ٣١٠؛قال الهيثمي: (رواه البزار، وفيه أم كلثوم بنت العباس، ولم أعرفها، وبقية رجالها ثقات).وأخرجه البغوي بإسناده في معالم التنزيل: ص ١١٢٤.
(٢) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ٢٤٦.
(٣) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٥ ص ٢٥٠، بلفظ: [ما اقشعرّ جلد عبد ... ]. وأخرجه البغوي بإسناده في معالم التنزيل: ص ١١٢٥.
(٤) في الدر المنثور: ج ٧ ص ٢٢٢؛ قال السيوطي: (أخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وابن-

<<  <  ج: ص:  >  >>