للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إنّ هذه الآية نزلت في أبي جهل، قال الكلبيّ: (ينطلق به إلى النّار مغلولا، فإذا دفعته الخزنة فيها تتلقّفه النّار بأوّل وجهه)،وقوله: {وَقِيلَ لِلظّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} (٢٤)؛أي يقول الخزنة للكفار: ذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون في الدّنيا من الكفر والمعاصي.

قوله تعالى: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ؛} أي كذب الذين من قبل كفّار مكّة رسلهم، {فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} (٢٥)؛يعني وهم آمنون في أنفسهم غافلون عن العذاب. وفي هذه الآية تحذير لأهل مكّة لئلاّ يسلكوا طريقة من قبلهم فينزل بهم من العذاب ما نزل بمن قبلهم.

وقوله تعالى: {فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا؛} أي الهوان والعذاب في الحياة الدنيا، {وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ؛} مما أصابهم في الدّنيا، {لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ} (٢٦)؛ولكنّهم لم يعلموا ذلك.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ؛} أي ولقد ضربنا لأهل مكّة في هذا القرآن من كلّ مثل لهم فيه من كلّ وجه ما يحتاجون إليه، {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (٢٧)؛فيؤمنوا.

وقوله تعالى: {قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (٢٨)؛قرآنا نصبه على الحال كما يقال: جاءني زيد رجلا صالحا، وقوله تعالى {(غَيْرَ ذِي عِوَجٍ)} أي مستقيم وليس مختلف، وعن ابن عبّاس: {(غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}؛أي غير مخلوق) (١)،وقيل:

غير تضادد واختلاف، لا يخالف الكتب المنزّلة قبله.

قوله تعالى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ؛} أي وصف الله مثل آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، يقول الله: الذي يعبد آلهة شين في أخلاقهم وشراسة، والذي يعبد ربّا واحدا خالصا في عبادته إياه، والمعنى فيه شركاء متشاحّون، ورجلا سلما لرجل سلم له من غير منازع، وقيل: معناه: أنّ أربابا كثيرة فيه


(١) في الدر المنثور: ج ٧ ص ٢٢٣؛ قال السيوطي: (أخرجه الآجري في الشريعة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات).

<<  <  ج: ص:  >  >>