للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَالسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ؛} ذكر اليمين للمبالغة في الاقدار، يعني أنّه يطويها بقدرته كما يطوي الواحد منّا الشيء المقدور له طيّه بيمينه، قال الأخفش: (معناه مطويّات في قدرته نحو قوله أو ما ملكت أيمانكم؛ أي ما كانت لكم عليه قدرة وليس الملك لليمين دون الشّمال) (١).وقد يذكر اليمين بمعنى القوّة كما قال الشاعر (٢):

إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقّاها عرابة باليمين

ثم نزّه نفسه عن شركهم فقال: {سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ} (٦٧).

قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ؛} قد ذكرنا أن النفخة نفختان في قول أكثر المفسّرين وبينهما أربعون سنة، فالنفخة الأولى هي نفخة الصّعق.

والصعق: هو الموت بصيحة شديدة حالّة هائلة، ومنها الصواعق وهي التي تأتي بشدّة الرّعد، وعن عبد الله بن عمر قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الصّور فقال:

[قرن ينفخ فيه فيصعق من في السّماوات ومن في الأرض] (٣) أي يموتون من الفزع وشدّة الصوت. قوله تعالى: {إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ؛} يعني الملك الذي ينفخ في الصّور، ثم يميته الله بعد ذلك، وقال الحسن: (يعني جبريل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش وملك الموت) (٤).وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سأل


(١) قاله الأخفش في معاني القرآن: ج ٢ ص ٦٧٤. تحقيق د. عبد الأمير. وج ٢ ص ٤٥٧،تحقيق د. فائز فارس.
(٢) قاله الحطيئة، وقيل: الشماخ الذبياني، (؟ -٢٢ هـ‍).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٢ ص ١٦٢ و ١٩٢.وأبو داود في السنن: كتاب السنة: باب في ذكر البعث والصور: الحديث (٤٧٤٢).والترمذي في الجامع: أبواب صفة القيامة: باب ما جاء في شأن الصور: الحديث (٢٤٣٠)،وإسناده صحيح.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٢٩٥) عن السدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>