للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ؛} أي خيانتها وهي مسارقة النظر إلى ما لا يحلّ، قال ابن عبّاس: ({خائِنَةَ الْأَعْيُنِ}:هو الرّجل يكون جالسا مع القوم، فتمرّ المرأة فيسارقهم النّظر إليها) (١).وقال قتادة: (هي همزه بعينه وإغماضه فيما لا يحبّ الله) (٢).ويجوز أن يكون المراد به: يعلم العين الخائنة؛ أي يجازي بخائنة الأعين، فكيف بما فوقها، كما قال في آية أخرى {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً} (٣).

وفي الحديث: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعليّ رضي الله عنه: [لا تتبع النّظرة، فإنّ لك الأولى وعليك الثّانية] (٤)،يعني بأنّ الأولى إذا وقع نظر إلى موضع لا يجوز له النظر إليه لا عن تعمّد منه، فإنه لا يكون إثما في ذلك، وإنما يأثم إذا عاد بالنظر ثانية.

وقوله تعالى: {وَما تُخْفِي الصُّدُورُ} (١٩)؛أي ويعلم ما تضمر الصدور عند خائنة الأعين، ويعلم ما تسرّ القلوب من المعصية.

قوله تعالى: {وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ؛} أي يحكم بالقسط والعدل، لا يمنع أحدا من ثواب عمله، ولا يعاقبه على ذنب لا يكتسبه، بل يجزي بالحسنة والسيئة، قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ؛} معناه: والذين تدعون من دون الله من الأصنام لا ينفعون من أطاعهم، ولا يضرّون من عصاهم ولا يجازون أحدا؛ لأنّهم لا يعلمون ولا يقدرون.


(١) في الدر المنثور: ج ٧ ص ٢٨٢؛ قال السيوطي: (أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم).وذكره القرطبي بلفظه في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٥ ص ٣٠٢.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٣٧٧).
(٣) الاسراء ٣٦/.
(٤) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط: ج ١ ص ٣٨٨:الحديث (٦٧٨) عن علي رضي الله عنه، وأوله: [يا عليّ، إنّ لك في الجنّة كنزا ... وليست لك الآخرة].وقال الطبراني: (لا يروى هذا الحديث إلا بهذا الإسناد وتفرد به عن حماد).وأخرجه أبو داود في السنن: كتاب النكاح: باب ما يؤمر به من غض البصر: الحديث (٢١٤٩) من حديث ابن بريدة عن أبيه. والترمذي في الجامع: أبواب الأدب: باب ما جاء في نظر الفجاءة: الحديث (٢٧٧٧)،وقال: هذا حديث حسن غريب. والحاكم في المستدرك: كتاب النكاح: باب إذا تزوج العبد: الحديث (٢٨٤٢)،وقال: حديث صحيح على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>