للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ؛} معناه: ما كنتم تستترون بالمعاصي عن الناس مخافة من أن تشهد عليكم هذه الجوارح في الآخرة؛ لأنّكم ما كنتم تظنّون ذلك، {وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمّا تَعْمَلُونَ} (٢٢)؛ولكن عملتم بالمعاصي عمل من يظنّ أنّ الله لا يعلم بما يعمله في السرّ. قال ابن عبّاس: (كان الكفّار يقولون: إنّ الله لا يعلم ما في أنفسنا ولكنّه يعلم ما يظهر!).

قوله تعالى: {وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ؛} أي ظنكم أن الله لا يعلم ما تعملون، {أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ} (٢٣)؛أي أهلككم فصرتم من المنبذين بالوزر والعقوبة. وقيل: معنى {(أَرْداكُمْ)} أي طرحكم في النار (١).

قوله تعالى: {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنّارُ مَثْوىً لَهُمْ؛} أي فإن يمسكوا عن الاستغاثة ولم ينطقوا بشكوى فالنار مسكن لهم منتقمة منهم، {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} (٢٤)؛أي وإن يطلبوا العتبى وهي الرّضا فما هم عن «أن» يطلبوا رضاهم ويقبل عذرهم. يقال: أعتبني فلان؛ أي أرضاني بعد إسخاطه إيّاي، واستعتبته طلبت منه أن يعتب أي يرضى.

قوله تعالى: {(*وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ؛} معناه: سبّبنا لهم أعوانا وقرناء من الشّياطين حتى أضلّوهم وهو قوله تعالى: {فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ؛} من أمر الآخرة أن لا جنّة ولا نار ولا بعث ولا حساب، {وَما خَلْفَهُمْ؛} من أمر الدّنيا أن لا ينفقوا في وجوه البرّ، وأن يتلذذوا في الدّنيا ويجمعوا الأموال، {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ؛} أي وجب عليهم، {فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ} (٢٥).

قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (٢٦)؛وذلك أنّ كفار قريش قالوا لأتباعهم: لا تسمعوا هذا القرآن


(١) نقله البغوي عن ابن عباس في معالم التنزيل: ص ١١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>