للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعضهم: معنى هذه الآية: أنّ الّذين قالوا: {(رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا)} بالوفاء على ترك الخنى (١) تتنزّل عليهم الملائكة بالرّضى: أن لا تخافوا من الغنى ولا تحزنوا على الغنى وأبشروا بالبقاء مع الذي كنتم توعدون من اللقاء. وقيل: معناه: ألاّ تخافوا فلا خوف على أهل الاستقامة، ولا تحزنوا فإن لكم أنواع الكرامة وأبشروا بالجنة التي هي دار السّلامة، لا تخافوا فعل دين الله إن استقمتم، ولا تحزنوا، فبحبل الله اعتصمتم، وأبشروا بالجنة إن تبتم لا تخافوا ما دمتم ولا تحزنوا فقد نلتم ما طلبتم، وأبشروا بالجنة التي فيها رغبتم، ولا تحزنوا فأنتم أهل الإيمان، ولا تحزنوا وأنتم أهل الغفران، وأبشروا بالجنة التي هي دار الرّضوان، لا تخافوا وأنتم أهل الشّهادة، ولا تحزنوا فأنتم أهل السّعادة، وأبشروا بالجنة التي هي دار الزّيادة، لا تخافوا فأنتم أهل النّوال، ولا تحزنوا فأنتم أهل الوصال، وابشروا بالجنة التي هي دار الحلال، لا تخافوا فقد أمنتم الثّبور، ولا تحزنوا فإن لكم الحور، وأبشروا بالجنة التي هي دار السرور، ولا تخافوا فسعيكم مشكور، ولا تحزنوا فذنبكم مغفور، وابشروا بالجنة التي هي دار النور، لا تخافوا فطالما كنتم خائفين، ولا تحزنوا فقد كنتم عارفين، وأبشروا بالجنة التي عجز عنها وصف الواصفين، لا تخافوا فأنتم من أهل الإيمان، ولا تحزنوا فأنتم من أهل الحرمان، وأبشروا بالجنة التي هي دار الأمان. لا تخافوا فسلمتم من أهل الجحيم، ولا تحزنوا فقد وصلتم إلى الرب الرحيم، وأبشروا بالجنة التي هي دار النعيم، لا تخافوا فقد زالت عنكم المخافة، ولا تحزنوا فقد سلمتم من كلّ آفة، وابشروا بالجنة التي هي دار الضيافة، لا تخافوا العزل من الولاية، ولا تحزنوا على ما قدّمتم من الجناية، وأبشروا بالجنة التي هي دار الهداية، لا تخافوا حلول العذاب، ولا تحزنوا من هول الحساب، وأبشروا بالجنة التي هي دار الثواب، لا تخافوا فأنتم سالمون من العقاب، ولا تحزنوا فأنتم واصلون إلى الثواب، وأبشروا بالجنة فأنّها نعم المآب.

قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ؛} أي تقول لهم الملائكة:

نحن أولياؤكم؛ أي نحن الحفظة الذي كنا معكم في الأولى، ونحن أحبّاؤكم أولياؤكم


(١) الخنا: الفحش، وقد (خنى) عليه من باب (صدى) و (أخنى) عليه في منطقه: أي أفحش. وأخنى عليه الدهر: أتى عليه وأهلكه. مختار الصحاح: ص ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>