للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني النعمة بتسخير ذلك المركب في البرّ والبحر، قال مقاتل والكلبي: (وهو أن تقول:

الحمد لله الّذي رزقني هذا وحملني عليه) (١)، {وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا؛} المركب وذلّله لنا، وسهّل ركوبه، ولولا تسخيره لنا، {وَما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ} (١٣)؛أي مطيقين ضابطين، يريد: لا طاقة لنا بالإبل ولا بالفلك ولا بالبحر، لولا أنّ الله تعالى سخّر لنا ذلك.

قال قتادة: (قد علّمكم الله كيف تقولون إذا ركبتم) (٢).وعن ابن مسعود أنّه قال: (إذا ركب الرّجل الدّابة فلم يذكر اسم الله، ردفه الشّيطان، فقال له: تغنّ، فإنّ لم يحسن قاله له: ثمن) (٣).

وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [أنّه كان إذا استوى على بعيره خارجا في سفر كبّر ثلاثا سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وإنّا إلى ربنا لمنقلبون، اللهمّ إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتّقوى، والعمل بما ترضى، اللهمّ هوّن علينا سفرنا وأطوعنا بعده، اللهمّ أنت الصّاحب في السّفر، والخليفة في الأهل، اللهمّ إنّي أعوذ بك من وعثاء السّفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال].وإذا رجع قال: [آئبون تائبون لربنا حامدون] (٤).

وقوله تعالى: {وَإِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ} (١٤)؛فيه بيان أنه كما يذكر نعمة الله عليه في الدّنيا، فعليه أن يذكر مصيره إلى الآخرة. وينبغي للعاقل إذا ركب دابّة أو سفينة أن يتذكّر آخر مركبه وهي الجنازة، وإذا لبس أن يتذكّر آخر ملبسه وهو الكفن،


(١) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ١٨٦.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٧٩١).
(٣) ذكره المتقي الهندي في كنز العمال: الرقم (٢٤٩٩٥).وعزاه الديلمي عن ابن عباس. وفي مجمع الزوائد: ج ١٠ ص ١٣١:كتاب الأذكار: باب ما يقول إذا ركب دابته؛ قال الهيثمي: (رواه الطبراني-عن ابن مسعود-موقوفا، ورجاله رجال الصحيح).
(٤) رواه مسلم في الصحيح: كتاب الحج: باب ما يقول إذا ركب إلى سفر حج وغيره: الحديث (١٣٤٢/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>