للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ؛} زيادة في الإنكار عليهم والمذمّة لهم، كأنّه قال: أو يختار لنفسه مع استغنائه عن الخلق كلّهم (من ينشّأ في الحلية) أي من ربي في حلية الذهب والفضّة، {وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (١٨)،وهو في الكلام غير ثابت الحجّة.

قال المبرّد: (تقدير الآية: أو تجعلون له من ينشّأ في الحلية، يعني البنت نبتت) (١). {(وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ)}؛أي وهو عند المخاصمة غير مبين الحجّة.

قال قتادة: (قلّ ما تكلّمت امرأة بحجّتها إلاّ تكلّمت بحجّتها عليها) (٢) لضعف رأيها ونقصان عقلها (٣).

ويستدلّ من هذه الآية على ثبوت الترخّص للنساء في التزيّن بحلية الذهب والفضّة، كما قال صلّى الله عليه وسلّم وقد أخذ الذهب بإحدى يديه، والحرير بالأخرى وقال: [هذان محرّمان على ذكور أمّتي، حلّ لإناثهم] (٤).


(١) في تفسير مقاتل بن سليمان: ج ٣ ص ١٨٧؛ قال: (يعني ينبت في الزينة، يعني الحلي مع النساء، يعني البنات).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٨٠٨).وفي الدر المنثور: ج ٧ ص ٣٧٠؛ قال السيوطي: (أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر) وذكره.
(٣) لا يبدو لي المعنى على هذا الإطلاق، فإن حديث [ناقصات عقل ودين] مبيّن معناه كما في نصه، وهو متعلق التوقيف في الطهارة للعبادة والشهادة في الحدود والجراحات، وليس كما ذهب البعض من العلماء.
ثم إن الأمر بالنسبة للمرأة هو كذلك بالنسبة للرجل بالوصف الإنساني، ولولا الخبرات المتأتية من ممارسة الحياة وأسباب القوة فيه للمرأة غير ما هي للرجل، ثم ما عيّن الشرع لها وأناط بها وعرف بحقها. ويمكن أن يكون الأمر على أحوال معينة، وهي أكثر عموما من تحديد النقص بالمرأة وحصرها بها فقط.
مثال ذلك ما حكاه المبرّد قال: (يقال: لا ينبغي لعاقل أن يشاور واحدا من خمسة: القطّان، والغزّال، والمعلّم، وراعي الضأن، ولا الرجل الكثير المحادثة للنساء) فالقضية ليست على عمومها، وهي مختلفة بحسب تنامي الرأي العام في المجتمع حسب الزمان والمكان. والله أعلم. ينظر: الكامل لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد: ج ٢ ص ١٥٥،دار الفكر العربي.
(٤) أخرجه الطبرا ني في المعجم الكبير: الحديث (١٠٨٨٩) وإسناده ضعيف، و (١١٣٣٣) كلاهما-

<<  <  ج: ص:  >  >>