للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيسخّر الأغنياء بأموالهم الفقراء ليلتئم قوام أمر العالم، وقال قتادة: (ليملك بعضهم بعضا فيتّخذونهم عبيدا ومماليك) (١).والسّخريّ بالكسر من الاستهزاء، وبالضمّ من التسخير.

وقوله تعالى: {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ} (٣٢)؛أي وما خصّك الله به من النبوّة خير لك مما يجمعون من المال. وقيل: معناه: ورحمة ربك يعني الجنّة للمؤمنين خير مما يجمع الكفّار من الأموال.

قوله تعالى: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ} (٣٣)؛معناه: ولولا أن تميل بالناس الدّنيا فيصير الخلق كلّهم كفّارا لأعطى الله الكافر في الدّنيا غاية ما يتمنّى فيها لهوانها وقلّتها عند الله تعالى، ولكنّه لم يفعل ذلك لعلمه بأن الغالب على الخلق حبّ العاجلة.

وقوله «(سقفا)» من قرأه بالوحدان فهو على معنى جعلنا لكلّ بيت سقفا من فضّة. ومن قرأ {(سُقُفاً)} بضمّتين فهو جمع سقف، مثل رهن ورهن (٢).ومن قرأه «(سقفا)» بضمّ السين وجزم القاف فعلى تخفيف سقف مثل رهن (٣).قوله تعالى:

{(وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ)} يعني الدّرج عليها يرتفعون ويعلون، واحدها معرج، ويقال معراج ومعاريج ومعارج، مثل مفاتيح ومفاتح في جمع مفتاح، والمعنى: وكذلك جعلنا لهم معارج من فضّة عليها يصعدون.

قوله تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ} (٣٤)؛أي ولبيوتهم أبوابا من فضّة وسررا من فضّة، على سرر الفضّة يجلسون ويتّكئون، وقوله تعالى:

{وَزُخْرُفاً؛} الزّخرف هو الذهب، كأنّه قال: وجعلنا أمتعتهم من الذهب.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٣٨٤٨).
(٢) في جامع البيان: مج ١٣ ج ٢٥ ص ٨٩؛ قال الطبري: (وعامة قراءة الكوفة سُقُفاً بضم السين والقاف، ووجهوها إلى أنها جمع سقيفة أو سقوف. وإذا وجهت إلى أنها جمع سقوف كانت جمع الجمع؛ لأن السقوف جمع سقف، ثم تجمع السقوف سقفا). ينظر: معاني القرآن للفراء: ج ٣ ص ٣٢.
(٣) في المخطوط: (زهر). ينظر: الحجة للقراء السبعة: ج ٣ ص ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>