للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخذنا بآفاق السّماء عليكم ... لنا قمراها والنّجوم الطّوالع

وقرئ: {(حَتّى إِذا جاءَنا)} يعني الكافر وشيطانه يبعثان يوم القيامة في سلسلة واحدة، كما روي أنّ الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره أخذ بيده شيطانه فلم يفارقه حتى يصيّرهما الله إلى النار، فلذلك حيث يقول: {(يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ)}،ويقول الله في ذلك اليوم للكافرين «و» (١) أنت أيها الشيطان:

{وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ؛} أي إذا أشركتم في الدّنيا، {أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ} (٣٩)؛قال المفسّرون: لا يخفّف عنهم الإشراك شيئا من العذاب، لأنّ لكلّ واحد منهم الحظّ الأوفر من العذاب، ولا يستأنس بعضهم ببعض.

قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ؛} أي أفأنت تسمع الكفار الذين يتصاممون عن الحقّ ويتعامون عنه، {وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (٤٠)؛أي بيّن قد ظهرت ضلالته.

وقوله تعالى: {فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ؛} أي نميتك قبل أن نريك النّقمة في كفار مكّة، {فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ} (٤١)؛بالقتل بعدك،

{أَوْ نُرِيَنَّكَ؛} في حياتك ما، {الَّذِي وَعَدْناهُمْ؛} من الذّلّ، {فَإِنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ} (٤٢).بيّن الله تعالى أنه قادر على عقوبتهم في حال حياة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وبعد وفاته.

والأصل في (إما): (إن ما) فحذف الشرط (ان وما) صلة ومتى دخلت (ما) في الشرط للتوكيد دخلت النون الثّقيلة المؤكّدة في الفعل المذكور بعدها.

ومعنى الآية: أنّ الله تعالى «قال» (٢) مطيّبا لقلب نبيّه صلّى الله عليه وسلّم: إن ذهبنا بك انتقمنا لك ممّن كذبك بعدك أو نرينّك في حياتك ما وعدناهم من العذاب، فإنّا قادرون عليهم متى شئنا عذبناهم ثم أري ذلك يوم بدر.


(٣) -وإعرابه: ج ٤ ص ٣١٤.وقال: (يريد الشمس والقمر، وكما قالوا: سنّة العمرين، يراد سنة أبي بكر وعمر رحمة الله عليهما).
(١) (و) سقطت من المخطوط.
(٢) (قال) ليس في المخطوط، وهو مقتضى السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>