فعلى الاستئناف بعد أن، تقول العرب: إنّ لي عليكم مالا وعلى أخيك مال، ينصبون الثاني ويرفعونه (١).
قوله تعالى:{وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ؛} أي وفي ذهابهما ومجيئهما، وما يحدث في كلّ واحد منهما من الزيادة والنّقصان من غير أن يكونا جميعا أزيد من أربع وعشرين ساعة، {وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ،} وفيما أنزل الله من السّماء من المطر فأحيا به الأرض بعد يبسها، وفي تقلّب الرياح شمالا وجنوبا وقبولا ودبورا وعذابا ورحمة، {آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}(٥)؛الدلالة ويتدبّرونها.
قوله تعالى:{تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ؛} أي تلك التي سبق ذكرها دلائل الله لعباده يتلوها عليك جبريل بأمرنا بقصصنا عليك بالحقّ، {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ،} كتاب، {اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ}(٦)؛إن لم يؤمنوا بهذا القرآن. ومن قرأ بالتاء فعلى تأويل: قل لهم يا محمّد: فبأيّ حديث تؤمنون.
قوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} (٨)؛يعني النضر بن الحارث، كان يروي من أحاديث العجم للمشركين فيستملحون حديثه، وكان إذا سمع آيات القرآن استهزأ بها، فجعل الله له العذاب مرّتين، مرّة أليما ومرّة مهينا، وقد ذكرنا تفسير الآية في سورة لقمان.
ومعنى الآية: ويل لكلّ كذاب فاجر كثير الإثم، يسمع القرآن يقرأ عليه ولا يتدبّره، ولا يخشع لاستماعه، بل يقيم على كفره متعظّما عن الإيمان بالله، كأن لم يسمع آيات الله، فخوّفه يا محمّد بعذاب وجيع يخلص وجعه إليه.
قوله تعالى:{وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً؛} أي إذا سمع من آيات القرآن شيئا اتّخذها هزوا، {أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ}(٩).