للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمان (١)،قال صلّى الله عليه وسلّم: [بعثت أنا والسّاعة كهاتين] (٢)،ومن أشراطها أيضا بيع الحكم وقطيعة الرّحم.

قوله تعالى: {فَأَنّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ} (١٨)؛أي من أين لهم التوبة؟ ومن أين لهم أن يتذكّروا أو يتوبوا إذا جاءتهم الساعة حين لا ينفعهم ذلك.

قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ؛} الخطاب للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والمراد به غيره. والمعنى: إذا جاءتهم الساعة فاعلم أنّه لا قاضي حينئذ إلاّ الله، ولا مخرج يومئذ إلاّ إليه، والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد كان علم ذلك، ولكن هذا خطاب يدخل فيه الناس.

والمعنى: من علم أن لا إله إلاّ الله فليقم على العلم ويثبت عليه. قوله تعالى:

{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ؛} أي استعصم من مواقعة ذنب يوجب الاستغفار.

ويقال: معناه: استغفر لصغائرك؛ فإنه لا صغيرة مع الإصرار، {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ،} واستغفر لذنوب المؤمنين والمؤمنات، وهذا إكرام من الله لهذه الأمة حين أمر نبيّهم أن يستغفر لهم وهو الشفيع المجاب فيهم.

وقوله تعالى: {وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ} (١٩)؛أي متصرّفاتكم في الدّنيا من أوّل ما ينقلبون من ظهر إلى بطن إلى أن تخرجوا من دنياكم إلى قبوركم، ويعلم أين مثواكم في الآخرة، قال عكرمة: (معناه: والله يعلم متقلّبكم من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمّهات، ومثواكم مقامكم في الأرض) (٣).وقال مقاتل: (والله يعلم منتشركم بالنّهار ومأواكم باللّيل) (٤).والمعنى: إنّه عالم بجميع أحوالكم، لا يخفى عليه شيء منها.


(١) في المخطوط: (فإن بغتة آخر الزمان).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٣ ص ٢٢٢ و ٢٧٨.والبخاري في الصحيح: كتاب الرقاق: الحديث (٦٥٠٤).ومسلم في الصحيح: كتاب الفتن: باب قرب الساعة: الحديث (٢٩٥١/ ١٣٤).
(٣) ذكره أيضا البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٩٨.
(٤) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>