قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ؛} قيل: السّكينة هي ما أسكن الله قلوبهم من التّعظيم لله ولرسوله والوقار لئلاّ تزعج نفوسهم لما يرد عليهم. وقوله تعالى:{لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ؛} أي ليزدادوا تصديقا إلى تصديقهم السابق. قال الكلبيّ:(لمّا نزلت آية من السّماء فصدّقوا بها ازدادوا تصديقا إلى تصديقهم).
قوله تعالى:{وَلِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ؛} أي جموع أهل السّماوات والأرض، يعني الملائكة والجنّ والإنس والشياطين، {وَكانَ اللهُ عَلِيماً؛} بمصالح خلقه، {حَكِيماً}(٤)؛فيما يأمرهم به وينهاهم عنه.
قال ابن عبّاس:(فلمّا نزل {(إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ)} قال الصّحابة: هنيئا لك يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أعطاك الله، فما لنا؟ فأنزل الله
قوله تعالى:{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً}(٥)؛ أي نجاة عظيمة من النار وظفرا بالجنّة (١).
قوله تعالى:{وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ؛} معناه: إنّا فتحنا لك ليدخل الله المؤمنين والمؤمنات جنّات تجري من تحتها الأنهار وليعذّب المنافقين من الرّجال والمنافقات من النساء، وهم أظهروا الإيمان باللّسان وأسرّوا الكفر من أهل المدينة، {وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ؛} من أهل مكّة، {الظّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ؛} ومعنى ظنّهم السوء: أنّهم ظنّوا أن محمّدا صلّى الله عليه وسلّم لا ينصر عليهم وأنّهم هم الذين ينصرهم الله على رسوله، وذلك قبيح لا يجوز في صفة الله تعالى.
وقوله:{عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ؛} أي العذاب والهلاك، {وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ} أي وطردهم عن رحمته، {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ؛} في الآخرة، {وَساءَتْ مَصِيراً}(٦).
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٣ ص ١٩٧.والترمذي في الجامع: أبواب التفسير: الحديث (٢٣٦٣).وابن حبان في الإحسان: كتاب التاريخ: الحديث (٦٤١٠) عن أنس بإسناد صحيح على شرط الشيخين. وأما حديث ابن عباس فقد أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٣٥٣) مختصرا.