الحقيقة والخطاب للمتلقّين معا، والسّائق والشّهيد جميعا)،وقرأ الحسن: «(ألقين)» بنون التأكيد كقوله تعالى {لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ}(١).
قوله تعالى:{مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ؛} أي لا ينزل خيرا ولا يعطي شيئا من حقّ الله. قوله تعالى:{مُعْتَدٍ؛} أي ظالم لا يقرّ بتوحيد الله، قوله تعالى:
{مُرِيبٍ}(٢٥)؛أي شاكّ في البعث والتوحيد.
قوله تعالى:{الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ؛} أي شريكا، {فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ}(٢٦)؛أي اطرحاه في النار.
وقوله:{*قالَ قَرِينُهُ؛} أي شيطانه: {رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ؛} أي ما أغويته، ما أضللته؛ أي لم أتولّ ذلك. وقيل: معناه: قال قرينه الذي يشهد عليه من الملائكة: {(رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ)} أي ما عجلت عليه في الكتابة وما كتبت عليه إلاّ ما قال وفعل، {وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ؛} خطأ، {بَعِيدٍ}(٢٧)؛من الصّواب.
وإنما يقول الملك هذا القول بعد ما يقول الكافر: يا رب عليّ كتب ما لم أقل ولم أفعل وما أنظرني، ولكن عجّل في الكتابة عليّ.
قوله تعالى:{قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ؛} أي يقول الله تعالى: لا تختصموا عندي كما تختصموا عند ملوك الدّنيا، فإنّي ملك لا يكرّر الكلام عندي، {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ؛} على ألسنة الرسل بالوعد و؛ {بِالْوَعِيدِ}(٢٨)؛لا ينفعكم الاختصام بعد أن أخبرتكم على ألسنة الرّسل بعذابي في الآخرة لمن كفر.
قوله تعالى:{ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ؛} أي لا خلف لوعدي ووعيدي، وقد قضيت ما أنا قاض عليكم من العذاب، لا تبديل له. وقيل: معناه: لا يكذب عندي ولا يغيّر القول من جملته؛ لأنّي أعلم الغيب وأعلم كيف ضلّوا وكيف أضللتموهم، ولا يقدر أحد أن يشقي أحدا ممّن أسعدته، ولا يسعد أحد ممن أشقيته.
قوله تعالى:{وَما أَنَا بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ}(٢٩)؛أي لا أعاقب أحدا من غير جرم، ولا أخذل أحدا من غير ذنب، ومن عمل سيّئة فلا يجزى إلاّ مثلها.
(١) العلق ١٥/.وذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٧ ص ١٦.