للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن واصل الأحدب (١) أنّه قرأ هذه الآية فقال: (إنّي أرى رزقي في السّماء وأنا أطلبه في الأرض، فدخل خربة فمكث فيها ليالي لا يصيب شيئا، فلمّا كان يوم الرابع إذ هو خوص صرّة من دوخلّة رطب (٢)،فلم يزل كذلك حتّى مات) (٣).

قوله تعالى: {وَما تُوعَدُونَ} (٢٢)؛قال عطاء: (معناه: وفي السّماء ما توعدون من الثّواب والعقاب مكتوب)،وقال الكلبيّ: (وما توعدون من الخير والشّرّ)،وقال مجاهد: (الجنّة والنّار).

قوله تعالى: {فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (٢٣) أقسم الله تعالى بنفسه، والذي بيّنه من أمر الرّزق وغيره (لصدق) كان نطقكم الذي هو الصدق من كلمة التّوحيد ونحوها حقّ قرأه أهل الكوفة «(مثل ما أنّكم)» برفع (مثل) على أنّه صفة لقوله (لحقّ).وقرأ الباقون بالنصب على الترك على معنى إنه يحقّ حقّا {(مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)وقيل: تقديره: كمثل ما أنّكم تنطقون.

وقال بعض الحكماء: معنى قوله: {(مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)} أي كما أنّ كلّ إنسان لا ينطق بلسان غيره، كذلك لا يأكل إنسان رزق غيره والذي قدّر له، ولا يأكل إلاّ رزق نفسه، كما لا يتكلّم إلاّ بلسان نفسه.

قال الحسن: (بلغني أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: [قاتل الله أقواما أقسم لهم ربّهم بنفسه فلم يصدّقوه] (٤)،وعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [لو أنّ أحدكم فرّ من رزقه لتبعه كما يتبعه الموت] (٥)،قال الشاعر (٦):


(١) في المخطوط: (فاضل بن الحدب) وضبطت الاسم كما في جامع البيان للطبري.
(٢) دوخلّة: مشددة اللام سفيفة من خوص يوضع فيها التمر والرطب، وهي كالزنبيل، والقوصرة يترك فيها الرّطب. لسان العرب: (دخل):ج ٤ ص ٣١٠.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٩١٥).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٤٩١٩).وابن أبي حاتم في التفسير الكبير: ج ١٠ ص ٣٣١٢.
(٥) ذكره الديلمي في الفردوس: الحديث (٥٠٩٢).وأخرجه الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ١١٦.
(٦) دعبل الخزاعي (١٤٨ - ٢٤٦ هـ‍).

<<  <  ج: ص:  >  >>