للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ} (٣٧)؛ معناه: إذا انشقّت وذابت حتى صارت حمراء كلون الوردة الحمراء أو كالدّهن الأحمر من نار جهنّم مع عظم السّماء وكبرها، فكيف بأبدانكم الضّعيفة في ذلك اليوم، وهذا كما روي عن عليّ رضي الله عنه: أنّه مرّ على قوم من الحدّادين فقال: (أمّا أنتم يا معشر الحدّادين أحقّ النّاس بالاتّعاظ والاعتبار، أما ترون تأثير هذه النّار الضّعيفة في هذا الحديد الشّديد؟ فكيف تأثير تلك النّار العظيمة في هذه الأبدان الضّعيفة).

ويقال في تشبيه السّماء بالوردة: أنّها تتكوّن في ذلك اليوم، قال الحسن: (إنّ السّماء أوّل ما تنشقّ تحمرّ ثمّ تصفرّ ثمّ تخضرّ كالفرس الورد (١)،تكون في الرّبيع وردة إلى الصّفرة (٢)،فإذا اشتدّت كان الشّتاء كانت وردة حمراء، فإذا كان الخريف كانت وردة أغبر) (٣).

وشبّهها بالدهان المختلفة التي تصبّ بعضها على بعض، والدّهن والدّهان واحد، قال قتادة: (إنّ السّماء اليوم خضراء وستكون يوم القيامة حمراء كالدّهان) (٤).

وقيل: إنّ الدهان جمع الدّهن، قال عطاء: (يعني عصير الذائب)،وقال ابن جريج:

(معناه: أنّ السّماء تذوب كما يذوب الدّهن الذائب وذلك حين يصيبها حرّ نار جهنّم).

{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} (٣٨).


(١) الفرس الورد: هو بين الكميت والأشقر، لونه أحمر يضرب إلى الصفرة. أي كانت كلون الفرس الوردة والكميت الورد يتلون، فيكون كما قال. ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج: ج ٥ ص ٨٠.ولسان العرب: ج ١ ص ٢٦٧: (ورد).
(٢) كأن في الكلام سقط، بمعنى: (كفرس الورد، أو كالفرس الورديّ يكون في الربيع وردة إلى الصفراء ... ).
(٣) أصل العبارة كما في معاني القرآن: ج ٣ ص ١١٧؛ قال الفراء: (أراد بالوردة: الفرس، الوردة تكون في الربيع وردة إلى الصفرة، فإذا اشتد البرد كانت وردة حمراء، فإذا كان بعد كانت وردة إلى الغبرة، فشبّه تلوّن السماء بتلون الوردة من الخيل، وشبهت الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٥٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>