للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {(ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ)} و {(ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ)} تعجيب لشأن أصحاب الميمنة في الخير، والترغيب في طريقتهم، كما يقال: فقيه أيّ فقيه، وتعظيم لشرّ أصحاب المشأمة والتحذير عن طريقتهم.

قوله تعالى: {وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ} (١٠)؛بيان للصّنف الثالث، والمعنى:

والسّابقون في الدّنيا إلى الطاعات، هم السّابقون في العقبى إلى الدرجات. وقيل: هم الذين سبقوا إلى توحيد الله والإيمان برسوله.

وقال ابن سيرين: (هم الّذين صلّوا إلى القبلتين، وشهدوا بدرا) (١)،دليله قوله تعالى: {وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ} (٢)،وقال ابن عبّاس: (هم السّابقون إلى الهجرة) (٣)،وقال عليّ رضي الله عنه: (هم السّابقون إلى الصّلوات الخمس) (٤)، وقال ابن جبير: (المسارعون إلى التّوبة وإلى أعمال البرّ) (٥)،ونظيره {سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (٦)،وقال {أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ} (٧).

قوله تعالى: {أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ} (١٢)؛أي هم المقرّبون إلى كرامة الله تعالى وجزيل ثوابه في أعلى الدرجات، ثم أخبر أين محلّهم فقال {(فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ)}.

قوله تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} (١٣)؛أي جماعة من أوائل الأمم ممّن صدّق بالنبيّين من ولد آدم إلى زمان نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم،

{وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} (١٤)؛أي من هذه الأمّة، وذلك أنّ الذين عاينوا جميع النبيّين وصدّقوا بهم أكثر ممن عاين نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، ألا ترى إلى قوله تعالى {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (٨) هؤلاء سوى من آمن بجميع الأنبياء وصدّقهم، والثّلّة في اللغة: هي القطعة، الكثرة من النّاس، والجماعة الذين لا يحصى عددهم.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٥٧٧٠).
(٢) التوبة ١٠٠/.
(٣) نقله أيضا الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ٢٠٢.
(٤) نقله أيضا الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ٢٠٢.
(٥) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٧ ص ١٩٩.
(٦) الحديد ٢١/.
(٧) المؤمنون ٦١/.
(٨) الصافات ١٤٧/.

<<  <  ج: ص:  >  >>