للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ؛} معناه: أنّ المنافقين ينادون المؤمنين من وراء السّور: ألم نكن معكم في الدّنيا على دينكم نناكحكم ونوارثكم ونصلّي معكم في مساجدكم، {قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ؛} أي أهلكتموها بالنّفاق والمعاصي والشّهوات وكلّها فتنة، {وَتَرَبَّصْتُمْ؛} بمحمّد الموت وبالمؤمنين الدوائر، وقلتم: يوشك أن يموت محمّد فنستريح منه.

قوله تعالى: {وَارْتَبْتُمْ؛} أي شككتم في توحيد الله وفي نبوّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، {وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ؛} يعني: ما كانوا يتمنّون من قتل محمّد صلّى الله عليه وسلّم وهلاك المسلمين، وغرّتكم أيضا الأباطيل وطول الآمال، {حَتّى جاءَ أَمْرُ اللهِ؛} يعني الموت والبعث، {وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ} (١٤)؛أي وغرّكم الشيطان بحكم الله وإمهاله عن طاعة الله.

قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ؛} لا يقبل منكم بذل تفدون به أنفسكم من العذاب، {وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا،} ولا من الذين يظهرون الكفر.

قرأ ابن عامر والحسن ويعقوب: «(لا تؤخذ)» بالتاء.

قوله تعالى: {مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ؛} أي أولى بكم وأحقّ أن تكون مسكنا لكم قد ملكت أمركم، فهي أولى بكم من كلّ شيء، وأنتم أولى بها، ومنه المولى لأنه أولى بعبيده من غيره، {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (١٥)؛النار، قال قتادة: (ما زالوا على خدعة من الشّيطان حتّى قذفهم الله في النّار).

قوله تعالى: {*أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ؛} معناه: أما حان للمؤمنين الذين تكلّموا بكلمة الإيمان إذا سمعوا القرآن أن تخشع قلوبهم لذكر الله وتلين وترقّ، قال ابن مسعود: (ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه إلاّ أربع سنين) (١).والمعنى: يجب أن يورثهم الذكر خشوعا ولا يكونوا كمن يذكره بالغفلة، ولا يخشع للذّكر قلبه. وقوله {(وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)} يعني القرآن، قرأ نافع وعاصم مخفّفا.


(١) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٥٨؛ قال السيوطي: (أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود) وذكره. وصححه الحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (٣٨٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>