للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكر الكلبيّ: (أنّ المسلمين كانوا يقولون قبل فرض الجهاد: لو علمنا أيّ الأعمال أحبّ إلى الله لفعلناه، فدلّهم الله على ذلك بقوله تعالى {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ،} ولم يبيّن ما هي، فمكثوا على ذلك ما شاء الله، ثمّ قالوا: يا ليتنا نعلم ما هي فنسارع إليها، فأنزل الله تعالى {تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} إلى آخر الآيات) (١).

وقال قتادة: (كان الرّجل إذا خرج إلى الجهاد ثمّ رجع قال: قلت وفعلت، ولم يكن فعل، فأنزل الله تعالى {(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ)}. (٢).

قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا؛} يحبّ الذين يصفّون أنفسهم عند القتال صفّا {كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ} (٤)؛أي ملتزق بعضه إلى بعض، أعلم الله أنه يحبّ من تثبّت في القتال ويلزم مكانه كثبوت البناء المرصوص الذي قد أحكم وأتقن، ليس فيه فرجة ولا خلل.

قوله تعالى: {وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ؛} في هذا تسلية للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيما لقي من أذى الكفار والمنافقين، وقد مرّ تفسير أذاهم موسى في سورة الأحزاب.

قوله تعالى: {فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ؛} أي بإيذائهم أمالها عن الحقّ وخذلها ومنعها الهدى مجازاة لهم بايذائهم، {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ} (٥) إلى ثوابه وجنّته.

قوله تعالى: {وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ} (٦)؛معناه: واذكر يا محمّد لقومك قصّة عيسى وعاقبة من آمن معه، وعاقبة من كفر.


(١) نقله عنه أيضا الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ٣٠٢.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٦٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>