{كَبِيرٍ}(٩)؛أي خطأ عظيم. وقيل: إن قوله {(إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ)} من قول الزّبانية للكفّار؛ أي ما كنتم في الدّنيا إلاّ في ضلال كبير.
وقال أهل النار معترفين بجهلهم:{وَقالُوا لَوْ كُنّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ؛} أي لو كنّا نسمع الهدى من الرّسل سماع من يتفكّر ويعقل منهم عقل من يميّز، {ما كُنّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ؛} أي أقرّوا بذلك، {فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ}(١١)؛أي أسحقهم الله سحقا؛ أي باعدهم من رحمته، والسّحق: البعد، والمعنى: فبعدا لأصحاب النار من رحمة الله.
قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}(١٢)؛معناه: إنّ الذين يعملون لربهم ويتّقون معصيته في سرّهم، ويخافونه ولم يروه، لهم مغفرة لذنوبهم وثواب عظيم في الجنّة، والخشية في الغيب أدلّ على الإخلاص وأبعد من النّفاق.
قوله تعالى:{وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ}(١٣) وهذا تحذير للكفّار عن الإقدام على المعاصي، يقول: إن أخفيتم كلامكم في أمر محمّد صلّى الله عليه وسلّم أو جهرتم به، فإنه عليم بما في القلوب من الخير والشرّ.
قال ابن عبّاس:(كانوا ينالون من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيخبره جبريل، فيقول بعضهم لبعض: أسرّوا قولكم كيلا يسمع به إله محمّد) قال الله هذه الآية:
{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ؛} هذه الأشياء ما في الضّمير. وقيل: معناه: ألا يعلم الله مخلوقاته، وقيل: ألا يعلم سرّ العبد من خلقه، {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}(١٤)؛أي لطف علمه بالأشياء حتى لا تخفى عليه غوامض الأمور، الخبير بمصالح عباده.
قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً؛} أي سهلة تنصرفون فيها فلا تضطرب بكم ولا تمتنع عليكم، يقال: دابة ذلول إذا كانت سهلة الرّكوب، والذلول لا تمتنع على صاحبها فيها يريدها. قوله تعالى:{فَامْشُوا فِي مَناكِبِها؛} أي في أطرافها، وقيل: في جبالها وآكامها وجوانبها، {وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ؛} أي وكلوا من نباتها الذي جعله الله رزقا لكم في الأرض، {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(١٥)؛أي وإلى الله المرجع في الآخرة للحساب والجزاء، والنّشور هو البعث من القبور.