للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم رجعوا إلى الله تعالى ورجوا منه العقبى، وسألوه أن يبدلهم خيرا منها فقالوا: {عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ} (٣٢)؛أي نرغب إليه ونرجو منه الخلف في الدّنيا، والثواب في الآخرة.

قال الله تعالى: {كَذلِكَ الْعَذابُ؛} أي هذا العذاب في الدنيا لمن منع حقّ الله ولمن كفر بنعمة الله، {وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ؛} وأشدّ على كفّار مكة، {لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ} (٣٣)؛ أن الذي يخوّفهم الله به حقّ.

قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (٣٦)؛وذلك أنّ عتبة بن ربيعة كان يقول: إن كان ما يقوله محمّد حقّا في النعيم في الآخرة لنكوننّ أفضل منهم في الآخرة، فضّلنا عليهم في الدّنيا. فأنزل الله هذه الآيات لبيان أنّ جنات النعيم في الآخرة خاصّة للّذين يتّقون الشّرك والفواحش.

وقوله تعالى: {(أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ)} هذا استفهام معناه الإنكار والتوبيخ. وقوله تعالى: {(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)} إنكار عليهم أيضا لمّا حكموا بالسوية بين أهل الثواب وأهل العقاب.

قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ} (٣٨) أي ألكم يا أهل مكّة كتاب من الله، فيه تقرءون بأنّ لكم في الدّنيا والآخرة ما تختارون لأنفسكم. والمعنى: ألكم فيه كتاب تقرءون أنّ لكم في ذلك الكتاب ما تختارون.

قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ} (٣٩)؛معناه: ألكم علينا عهود وثيقة إلى يوم القيامة، بأن لكم ما تقضون لأنفسكم أن لكم من الخير والكرامة (١)،وإنما كسرت (إنّ) في هاتين الآيتين لدخول اللام في خبرها.

ثم قال تعالى لنبيّه عليه السّلام: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ} (٤٠)؛أي سلهم يا محمّد أيّهم كفيل لهم بأنّ لهم في الآخرة ما للمسلمين، والزّعيم هو الكفيل الضّامن.


(١) أدرج الناسخ كلمات في الأصل المخطوط، ثم علّم عليها بالحذف.

<<  <  ج: ص:  >  >>