قوله تعالى: {(وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ)} قال المفسّرون: يسجد الخلق كلّهم سجدة واحدة، ويبقى الكفّار والمنافقون يريدون أن يسجدوا فلا يستطيعون، كما روي: أن أصلابهم يومئذ تصير عظما واحدا مثل صياصيّ البقر، يعني قرونها. ويقال: يأمر الله أهل القيامة بالسّجود، فمن كان يسجد له في الدّنيا قدر على السّجود في الآخرة، ومن لا فلا، فيكون ذلك أمارة تمييز المؤمن من الكافر.
قوله تعالى:{خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ؛} أي ذليلة، وذلك إذا عاينوا النار، وأيقنوا بالعذاب. قوله تعالى:{تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ؛} أي تغشاهم ذلّة الندامة والحسرة، وتعلوهم كآبة وحزن وسواد الوجه.
قوله تعالى:{وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ؛} يعني وقد كانوا يدعون بالأذان في الدّنيا، ويؤمرون بالصلاة المكتوبة، {وَهُمْ سالِمُونَ}(٤٣)؛أي معافون ليس في أصلابهم مثل سفافيد الحديد.
وقوله تعالى:{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ؛} أي خلّ بيني وبين من يكذّب بهذا القرآن، لا تشغل قلبك به، كله فأنا أكفيك أمره. قوله تعالى:
{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}(٤٤)؛أي كلما جدّدوا معصيته جدّدنا لهم نعمة وأنسيناهم شكرها ثم أخذناهم بغتة.
وقوله تعالى:{أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ}(٤٦)؛أي أتسألهم أجرا يا محمّد على ما تدعوهم إليه من الإيمان جعلا فهم من الغرم الذي يلزمهم بإجابتك مثقلون فيمتنعون عن الإجابة بسببه.
قوله تعالى:{أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ}(٤٧)؛أي أعندهم الوحي بأنّك على الباطل وهم على الحقّ، فيكتبون ذلك الوحي ويخاصمونك به.
قوله تعالى:{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ؛} أي اصبر يا محمّد على تبليغ الوحي والرسالة، ولا تكن في الضّجر والعجلة كصاحب الحوت يونس