للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي أنّ الكفار كانوا يقصدون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يصيبوه بالعين، وكانوا ينظرون إليه نظر أشدّ يدا بالعين، وقال الزجّاج: (معنى الآية: أنّ الكفّار كانوا من شدّة بغضهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينظرون إليه نظر البغضاء) (١)،والمعنى: تكاد الكفّار بنظرهم إليك أن يصرعوك.

وقرأ نافع «(ليزلقونك)» بفتح الياء، يقال: زلق هو وزلقته، مثل حزنته وحزن هو، وقرأ الباقون «(ليزلقونك)» من أزلقه من موضعه إذا نحّاه، وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: [العين حقّ، ولو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين] (٢) وقال: [إنّ العين لتدخل الرّجل القبر، والجمل القدر] (٣).

وقيل: معنى الآية: وإن يكاد الذين كفروا من شدّة إبغاضهم وعداوتهم لك يسقطونك ويصرفونك عمّا أنت عليه من تبليغ الرّسالة ويزيلونك عن المقام الذي أقامك الله فيه.

قوله تعالى: {لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} (٥١)؛أي لما أعيتهم الحيلة عن صرف الناس عنك نسبوك إلى الجنون مع علمهم بخلاف ذلك. قوله تعالى:

{(لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ)} يعني القرآن، وذلك أنّهم كانوا يكرهون القرآن أشدّ الكراهة، فيحدّون النظر إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين يتلوه بالبغضاء، وكانوا ينسبونه إلى الجنون إذا سمعوه يقرأ القرآن،

فقال الله تعالى: {وَما هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ} (٥٢)؛أي ما القرآن الذي يقرؤه عليهم إلاّ عظة للخلائق كلّهم.

آخر تفسير سورة (نون-القلم) والحمد لله رب العالمين


(١) في إعراب القرآن: ج ٥ ص ١٢؛ قال الزجاج: (إنما كانوا ينظرون إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم نظر الإبغاض والنفور. فالمعنى على هذا أنهم لحدّة نظرهم إليه يكادون يزيلونه من مكانه).
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ١١ ص ١٧:الحديث (١٠٩٠٥) ومسلم في الصحيح: كتاب السلام: باب الطب والمرضى والرقى: الحديث (٢١٨٨).والترمذي في الجامع: الطب: باب ما جاء في العين: الحديث (٢٠٦٢).وعبد الرزاق في المصنف: الحديث (١٩٧٧٠).
(٣) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٢٦٢؛ قال السيوطي: (أخرجه أبو نعيم في الحلية عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ... ) وذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>