تعالى: {إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ؛} معناه: آمنوا قبل الموت تسلموا من العقوبات والشّدائد، فإنّ أجل الموت إذا جاء لا يمكنكم الإيمان. قوله تعالى: {لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٤)؛أي لو كنتم تصدّقون ما أقول لكم.
قوله تعالى: {قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً} (٥)؛يعني لمّا آيس نوح من إيمان قومه قال: رب إنّي دعوت قومي إلى التوحيد والطاعة ليلا سرّا ونهارا علانية،
{فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاّ فِراراً} (٦)،فلم يزدادوا عند دعائي إيّاهم إلاّ تباعدا عن الإيمان بالجهل الغالب عليهم،
{وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ؛} إلى طاعتك والإيمان بك، {لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ؛} لئلاّ يسمعوا صوتي، {وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ؛} أي غطّوا بها وجوههم؛ لئلاّ يروني، {وَأَصَرُّوا؛} على كفرهم، {وَاسْتَكْبَرُوا؛} عن قبول الحقّ والإيمان بك، {اِسْتِكْباراً} (٧).
قوله تعالى: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً} (٨)؛أي معلنا لهم بالدّعاء وعلا صوتي،
{ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ؛} أي كرّرت الدّعاء معلنا و، {إِسْراراً} (٩)،وسلكت معهم في الدّعوة كلّ مسلك ومذهب، وتلطّفت لهم كلّ تلطّف،
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً} (١٠)؛ للذّنوب يجمع لكم من الحظّ الوافر في الآخرة، الخصيب في الدّنيا والغنى،
{يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ؛} بالمطر، {مِدْراراً} (١١)؛كثير الدّرور، كلّما احتجتم إليه،
{وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ؛} في الدّنيا بساتين، {وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً} (١٢)؛تجري على وجه الأرض لمنافعكم.
وذلك أنّ الله تعالى كان قد حبس المطر حتى لم يبق لهم دابّة ولا نباتا أخضر، وأعقم أرحام النّساء وأصلاب الرّجال حتى لم يكن لهم ولد في مدة سبع سنين، فوعدهم نوح عليه السّلام بردّ ذلك كلّه عليهم إن آمنوا.
والسّنة في الاستسقاء تقديم القرب والطاعات، والاستكثار من الاستغفار كما روي عن عمر رضي الله عنه: (أنّه خرج للاستسقاء، فجعل يستكثر من الاستغفار، فقيل له: ما سمعناك استسقيت وما ردّدت عن الاستغفار؟ فقال: لقد استسقيت بمجاديح السّماء