للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً؛} أي أضلّ الأصنام كثيرا يعني ضلّوا بسببها لقوله تعالى {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ} (١)،والمعنى: قد ضلّ كثير من الناس بهذه الأصنام، وإنما أضاف الضّلال إلى الأصنام؛ لأنّها كانت سبب ضلالتهم.

وقوله تعالى: {وَلا تَزِدِ الظّالِمِينَ إِلاّ ضَلالاً} (٢٤)؛هذا دعاء عليهم بعذاب، أعلمه الله أنّهم لا يؤمنون وهو قوله تعالى {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاّ مَنْ قَدْ آمَنَ} (٢)، والمعنى: لا تزدهم إلاّ خسرانا وهلاكا، وإنما لم يصرف (ويغوث ويعوق) لأنّهما ضارعا الأفعال.

قوله تعالى: {مِمّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً؛} أي من أجل خطاياهم أغرقوا في الدّنيا فأدخلوا بذلك الغرق نارا، وفي هذا دليل على عذاب القبر، لأنّ حرف الفاء للتعقيب، فاقتضى أنّهم نقلوا عقيب الغرق إلى النار، والكافر إنّما يدخل نار جهنّم يوم القيامة، وخطاياهم في هذه الآية الكفر. و (ما) هاهنا صلة، والمعنى: من خطاياهم؛ أي من أجلها وسببها. قوله تعالى: {فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً} (٢٥)؛أي فلم يجدوا لأنفسهم من دون الله أحدا فينصرهم ولا يمنع هم من عذاب الله.

قوله تعالى: {وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً} (٢٦)؛ روى قتادة أنه قال: (ما دعا نوح بهذه الآية إلاّ بعد أن نزل عليه أنّه {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاّ مَنْ قَدْ آمَنَ}).والدّيّار: متّخذ الدار وساكنها، فعمّ الله جميع أهل الأرض بالهلاك بدعائه، غير علج (٣) فإنه غير علج (٤) إلى زمان موسى عليه السّلام؛ لأنه لم يتّخذ ديرا ولا سكن الدار، ويقال: ما بالدار ديّار؛ أي أحد.

قوله تعالى: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ؛} أي إنّك إن تتركهم على وجه الأرض ولا تهلكهم يضلّوا عبادك عن دينك، {وَلا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً؛} أي خارجا عن طاعتك، {كَفّاراً} (٢٧)؛لنعمك، أخبر الله تعالى نوحا عليه السّلام أنّهم لا يلدون مؤمنا أبدا.


(١) علج: العلج بوزن العجل: الواحد من الكفار العجم. مختار الصحاح: ص ٤٤٩.
(٢) (غير علج) هكذا في المخطوط بوضوح، وعلى ما يبدو أن هناك سقط أو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>