للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسوله بمكّة (وأنّه كان رجال من الإنس يعودون برجال من الجنّ فزادوهم رهقا» (١).قال ابن عبّاس: (يعني زادوهم بهذا التّعوّذ طغيانا حتّى قالوا: سدنا الإنس والجنّ).والرّهق في كلام العرب: الإثم وغشيان المحارم.

قوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً} (٧)؛ معناه: أنّ كفار الجنّ ظنّوا كما ظننتم يا أهل مكّة، أن لن يبعث الله رسولا، ويقال:

أن لن يبعث الله أحدا من قبره بعد الموت. والمعنى: أنّهم كانوا لا يؤمنون بالبعث، كما أنّكم أيّها المشركون لا تؤمنون.

قالت الجنّ: {وَأَنّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً} (٨)؛هذا إخبار «عن» (٢) قول الجنّ الذين سمعوا القرآن وآمنوا به ورجعوا إلى قومهم منذرين. والمعنى: إنّا صعدنا السّماء وأتيناها للطّلب كما كنّا نسمع إلى الملائكة من قبل، فوجدناها ملئت حفظة أقوياء من الملائكة، ونيرانا مضيئة يرمون بها إلينا ويزجرونا عن الاستماع. والحرس: جمع الحارس وهو الحافظ.

والشّهب: جمع الشّهاب، وهو الشعاع الذي يحدث من النجم ويستنير في الهواء، تسميه العامّة: الكوكب المنقضّ.

قوله تعالى: {وَأَنّا كُنّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ؛} روي عن ابن عبّاس أنه قال: (لم تكن قبيلة من الجنّ إلاّ ولها من السّماء مقاعد للسّمع، فكان إذا نزل الوحي سمعت الملائكة صوتا كصوت الحديدة ألقيت على الصّفا، فإذا سمعته الملائكة خرّوا لها سجّدا، ثمّ تقول الملائكة بعضهم لبعض: ماذا قال ربّكم؟ فإن كان ممّا يكون في السّماء قالوا: الحقّ وهو العليّ الكبير، وإذا كان ممّا يكون في الأرض من عيب أو موت تكلّموا به، فتسمعه الشّياطين فينزلون به على أوليائهم من الإنس. فلمّا بعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم زجروا بالنّجوم) فذلك قوله تعالى: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ}


(١) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٢٩٨؛ قال السيوطي: (وأخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم والعقيلي في الضعفاء والطبراني وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن كردم بن أبي السائب رضي الله عنه ... ) وذكره. وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: الحديث (١٩٠٠٢).
(٢) (عن) سقطت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>