للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ؛} يعني: واصبر يا محمّد على ما يقوله الكفّار والمنافقون من التكذيب، {وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} (١٠)؛أي لا جزع فيه؛ أي اصطبر اقتصر على إظهار الوحي من غير خصومة، وهذا قبل الأمر بالقتال.

قوله عزّ وجلّ: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ؛} أي كل أمرهم إليّ ولا تهتمّ بهم، فإنّي أكفيكهم. يقال: ذرني وزيدا؛ أي دعني وزيدا؛ أي لا تهتمّ به فإنّي أكافيه. وقوله تعالى {(أُولِي النَّعْمَةِ)} أي ذووا النعمة ذوو الغنى وكثرة المال.

قالت عائشة رضي الله عنها: «لمّا نزلت هذه الآية إلى قوله: {وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً} (١١)؛لم يكن إلاّ يسيرا حتّى وقعت وقعة بدر» (١).والنّعمة بفتح النون التّنعّم، والنّعمة بالكسر المال والغنى، والنّعماء: قرّة العين بضمّ النون.

قوله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً} (١٢)؛أي إنّ عندنا في الآخرة لهم قيودا وأغلالا، واحدها نكل؛ وهو القيد من الحديد لا يحلّ. وقوله تعالى {وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ} أي لا يسوع في الحلق، يعني الزّقّوم. وقال عكرمة: «شوك يأخذ بالحلق، لا يدخل ولا يخرج» (٢)،وقال الزجاج: «يعني الضّريع» (٣).وقيل:

طعام يأخذ بحلوقهم لخشونته وحرارته، لا ينزل فيها بل تضيق أنفاسهم عنها فيختنقون بها.

قوله تعالى: {وَعَذاباً أَلِيماً (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ؛} أخبر الله تعالى أنّ هذا العذاب المذكور يكون في يوم ترجف الأرض والجبال؛ أي تزلزل وتحرّك، وهو يوم القيامة. والرّاجفة: من أسماء القيامة.

وقوله تعالى: {وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً} (١٤)؛أي رملا سائلا، يقال: تراب مهيل ومهيول؛ أي


(١) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٣١٨؛ قال السيوطي: (أخرجه أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن عائشة) وذكره. وأخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٧٣١٦).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٧٣٢٢) عن عكرمة عن ابن عباس وذكره.
(٣) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج ٥ ص ١٨٨: (طعامهم الضريع).

<<  <  ج: ص:  >  >>