وقوله تعالى:{إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ؛} أي إنّ هذه السّورة عظة للناس، وقيل: معناه: إن آيات القرآن موعظة، {فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً}(١٩) أي طريقا.
قوله تعالى:{*إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ؛} معناه: إنّ ربّك يا محمّد يعلم إنّك تقوم أقلّ من ثلثي الليل في بعض اللّيالي، وأقلّ من نصف اللّيل في بعض اللّيالي، وأقلّ من الثّلث في بعضها. قوله تعالى:{وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ؛} يعني: المؤمنون كانوا يقومون معه.
قرأ الكوفيّون وابن كثير «(ونصفه وثلثه)» بالنصب فيهما على معنى: ويقوم نصفه وثلثه. وقال الحسن: «لم يقم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قطّ أقلّ من ثلثي اللّيل، وإنّما قال:
(أدنى) في الطّائفة الّذين معه» ولفظة (أدنى) تعقل منها القلّة، لا يقال: عندي دون العشرة إلاّ والنّقصان منها قليل.
قوله تعالى:{وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ؛} أي يعلم مقاديرهما وساعاتهما على الحقيقة، {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ؛} أي علم أنّكم لم تعلموا حقيقة قدرهما، يعني أنّكم ما تعرفون مقادير اللّيل والنهار، ولذا لم تعلموا حقيقة المقدار الذي أمركم بالقيام فيه لم تطيقوه إلاّ بمشقّة، {فَتابَ عَلَيْكُمْ؛} أي فتجاوز عنكم قيام الليل بالتخفيف عنكم، {فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ؛} في صلاة اللّيل.
قوله تعالى:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى؛} لا يقدرون على قيام اللّيل بقراءة السّور الطّوال، {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ؛} أي وآخرون يسافرون لطلب رزق الله فلا يطيقون ذلك، {وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ؛} أي وعلم أنّ فيكم من يجاهد في سبيل الله، يعني يقاتل أعداء الله لا يطيقون قيام الليل، {فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ؛} أي من القرآن في الصّلاة.
قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ؛} أي وأقيموا الصّلوات الخمس بشرائطها وما يجب من حقّ الله فيها، فنسخ قيام الليل بالصّلوات الخمس على المؤمنين، وثبت على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خاصّة. قوله تعالى:{وَآتُوا الزَّكاةَ؛} يعني المفروضة، {وَأَقْرِضُوا}