للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً} (١٤)؛أي بسطت له في العيش وطول العمر بسطا،

{ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ؛} معناه: ثم يطمع أن أزيد له في المال والولد، وقد كفر بي وبرسولي،

{كَلاّ،} لا أزيده، فلم يزل الوليد بعد هذا في نقصان من المال والحال حتى صار يسأل الناس ومات فقيرا. وقوله تعالى: {إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً} (١٦)؛معناه: إنه كان لكتابنا ورسولنا معاندا، والعنيد: الذاهب عن الشيء على طريق العداوة، والجمل العنود: هو الذي يمرّ على جانب من القطار.

قوله تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} (١٧)؛أي سأكلّفه في النار ارتقاء الصّعود، وهو جبل من صخرة ملساء في النّار، يكلّف الكافر أن يرتقيه حتى إذا بلغ أعلاه في أربعين عاما، كلّما وضع يده عليه ذابت، وإذا رفعها عادت. وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [الصّعود جبل من نار، يصعد فيه سبعين خريفا ثمّ يهوي كذلك منه أبدا، كلّما وضع يده عليها ذابت وإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله ذابت وإذا رفعها عادت، وكلّما بلغ أعلى ذلك الجبل انحدر إلى أسفله، ثمّ يكلّف أيضا أن يصعد، فذلك دابه أبدا يجذب من أمامه بسلاسل الحديد، ويضرب من خلفه بمقامع الحديد مسافة كلّ صعود أربعون سنة] (١).

قوله تعالى: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} (١٨)؛معناه: إنه فكّر في أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في احتياله للباطل، وقدّر القول فيه، وقيل: معناه: تفكر ماذا تقول في القرآن؟ وقدّر القول في نفسه، وذلك أنه لمّا نزل قوله تعالى {حم، تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (٢) قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والوليد بن المغيرة قريبا منه يستمع قراءته، فلمّا نظر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم استماعه إلى قراءته عاد إلى قراءة الآية، فانطلق الوليد حتّى أتى مجلس قومه بني مخزوم وقال: والله لقد سمعت من محمّد الآن كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجنّ، إنّ له لحلاوة ولطلاوة، وإنّ أعلاه لمثمر وإنّ أسفله لمغدق، وإنّه يعلو ولا يعلى.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٧٤٣٤) مختصرا.
(٢) غافر،١ - ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>