للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ} (٣٠)؛أي تسعة عشر من الزّبانية الموكّلين بتعذيب أهلها، جاء في الحديث: [إنّ أعينهم كالبرق الخاطف، وأنيابهم كصياصيّ البقر، يخرج لهب النّار من أفواههم، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة، يسع كفّ أحدهم مثل ربيعة ومضر، نزعت الرّحمة من قلوبهم، يسرّون بتعذيب أهل النّار، يدفع أحدهم سبعين ألفا فيرميهم حيث أراد من جهنّم] (١).وقال صلّى الله عليه وسلّم:

[لأحدهم مثل قوّة الثّقلين].وقال عمرو بن دينار: «يدفع أحدهم بالدّفعة الواحدة في جهنّم مثل ربيعة ومضر».

قال ابن عبّاس والضحاك: «لمّا نزلت هذه الآية قال أبو جهل: أما لمحمّد من الأعوان إلاّ تسعة عشر يخوّفكم بهم وأنتم الدّهم-يعني العدد الكثير-فتعجز كلّ مائة رجل منكم أن تبطش بواحد منهم، ثمّ تخرجون من النّار؟!» (٢).

وروي: أنّ أبا جهل قال لقريش: ثكلتكم أمّهاتكم! أنتم الدّهم الشّجعان فتعجز كلّ عشرة منكم أن يبطشوا بخزنة جهنّم؟ فقال رجل من بني جمح يقال له كلدة بن أسد: أنا أكفيكم يا أهل مكّة سبعة عشر؛ أحمل عشرة منهم على ظهري، وسبعة على صدري، فاكفوني أنتم اثنين!

وروي: أنّه قال: يا معشر قريش إذا كان يوم القيامة فأنا أمشي بين أيديكم على الصّراط فأدفع عشرة بمنكبي الأيمن، وتسعة بمنكبي الأيسر في النّار، فنمضي ندخل الجنّة!

فأنزل الله تعالى قوله: {وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً؛} أي ما جعلنا خزّانها إلاّ ملائكة، ومن المعلوم أنّ الملك الواحد إذا كان كافيا لقبض أرواحهم، كان تسعة عشر ملكا أكفى، ألا ترى أنّ ملكا واحدا وهو ملك الموت يقبض أرواح الخلق كلّهم؟ فكيف يعجز تسعة عشر ملكا عن تعذيب الناس؟!

قوله تعالى: {وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا؛} أي ما جعلنا عددهم في القلّة إلاّ محنة لكفّار مكة لجهلهم بالملائكة وتوهّمهم أنّهم كالبشر، والمعنى:


(١) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٣٣٣؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٧٤٥٦) بإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>