للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {كَلاّ وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣) وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ} (٣٤)؛ هذا قسم على عظم نار سقر، معناه: حقّا والقمر؛ والليل إذا جاء بعد النهار؛ والصّبح إذا أضاء، إنّ سقر لإحدى العظائم التي هي دركات النار. والعرب تؤكّد القسم بلفظ كلاّ كما تؤكّده ب‍ (حقّا).ويقال: معناه: ورب القمر. قرأ نافع وحمزة وخلف ويعقوب وحفص: (إذ أدبر) (١) على لفظ الإدبار؛ أي اذا انقضى وذهب، ويقال: كلاهما لغتان:

دبر النهار وأدبر (٢).

قوله تعالى: {إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ} (٣٥)؛أي سقر لإحدى الكبر، قال مقاتل والكلبي: «أراد بالكبر دركات جهنّم؛ وهي سبعة: جهنّم؛ ولظّى؛ والحطمة؛ والسّعير؛ وسقر؛ والجحيم؛ والهاوية» (٣).

وقوله تعالى: {نَذِيراً لِلْبَشَرِ} (٣٦)؛قال الزجّاج: «هو حال من قوله (قم) في أوّل السّورة؛ أي قم نذيرا للبشر» (٤) وهكذا روي عن عطاء عن ابن عبّاس، وقيل: (نذيرا) نصب على الحال؛ يعني أنّها لكبيرة في حال الإنذار، وذكر النذير بلفظ التذكير فإن معنى النار العذاب، يعني أن النار نذيرا للبشر، قال الحسن: «والله ما أنذر الله بشيء أدهى منها» (٥).

قوله تعالى: {لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} (٣٧)؛بدل من قوله (للبشر)،والمعنى أنّها نذير لمن شاء أن يتقدّم في العبادة والإيمان والخير فينجوا منهما، أو يتأخّر عن الإيمان والطاعة فيقع فيهما، والمعنى: أنّ الإنذار قد حصل لكلّ أحد ممن آمن أو كفر، قال الحسن: «هذا وعيد لهم، كقوله تعالى {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ}


(١) في المخطوط: (إذا أدبر) وهو تصحيف.
(٢) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٩ ص ٨٤؛ قال القرطبي: (وقرأ نافع وحمزة وحفص (إذ أدبر) الباقون (إذا) بألف و (دبر) بغير ألف وهما لغتان بمعنى، يقال: دبر وأدبر، وكذلك قبل اللّيل وأقبل).
(٣) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٤١٩.
(٤) نقله الزجاج من قول الكسائي في إعراب القرآن: ج ٥ ص ٤٩.
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٧٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>