للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: يا ليتني لم أفعل] (١).ومعنى: {بِالنَّفْسِ اللَّوّامَةِ:} الملومة، وقيل: إنّما سميت النفس لوّامة؛ لأنّها كثيرة اللّوم لا صبر لها على محن الدّنيا وشدائدها.

قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ} (٣)؛يعني الكافر بالبعث؛ يقول: أيظنّ الكافر أن لن نجمع عظامه بعد التفرّق، ولن نبعثه في الآخرة،

{بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ} (٤)؛بلى بجمعها قادرين على تسوية بنانه، قال ابن عبّاس: «المراد به أبو جهل، يقول الله له: أتحسب أن لن نبعثك» {(بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ)}؛على ما كانت وإن قلّ عظامها وصغرت فنردّها، ونؤلّف بينها حتى نسوّي البنان، ومن قدر على جمع صغار العظام كان على جمع كبارها أقدر.

وقيل: معناه: قادرين على أن نسوّي بنانه وأنامله، ونجعل أصابع يديه ورجليه شيئا واحدا كخفّ البعير أو ككفّ الخنزير وكحافر الحمير، فلا يمكنه أن يفعل بها شيئا، ولكن مننّا عليه ففرّقنا أصابعه حتى يأخذ بها ما شاء، ويقبض إذا شاء ويبسط إذا شاء.

قوله تعالى: {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ} (٥)؛أي بل يريد الكافر أن يكذّب بما قدّامه من البعث، ويقدّم الذنب ويؤخّر التوبة ويكفر أبدا ما عاش، قال ابن الأنباريّ: «معناه: مدّة عمره وليس في نيّته أن يتوب».والمعنى: ما يجهل ابن آدم أنّ ربّه قادر على جمع عظامه بعد الموت، ولكنّه يريد أن يفجر أمامه؛ أي بمعنى قدّاما قدّاما (٢) في معاصي الله، راكبا رأسه لا يقلع ولا يتوب حتى يأتيه الموت على أشرّ أحواله وأسوإ أعماله.

قوله تعالى: {يَسْئَلُ أَيّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ} (٦)؛أي يسأل متى يوم القيامة تكذيبا به، ويقال في معنى {(لِيَفْجُرَ أَمامَهُ)} أن يعزم على الفجور في مستقبل عمره في


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وبمعناه أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٧٥٣٠) عن عكرمة، و (٢٧٥٣١) عن سعيد بن جبير. وعلى ما يبدو أنه من تفسير الفراء في معاني القرآن: ج ٣ ص ٢٠٨، قاله بمعناه.
(٢) هكذا في المخطوط كرر (قدّاما).

<<  <  ج: ص:  >  >>